منذ أكثر من شهر، تواجه مالي واحدة من أسوأ أزمات الوقود في تاريخها الحديث، بعد أن شلت ندرة البنزين والديزل حركة النقل وأربكت عجلة الاقتصاد وأثقلت كاهل المواطنين الذين يقفون في طوابير طويلة أمام محطات فارغة.
وفقا لتقارير وكالة شينخوا ووسائل إعلام إفريقية، فإن إمدادات الوقود انخفضت بشكل حاد في عموم البلاد منذ مطلع أكتوبر الماضي، ما أدى إلى توقف آلاف المركبات عن العمل وارتفاع تكاليف المعيشة، فيما توقفت الدراسة في معظم المدارس بسبب صعوبة تنقل الطلاب والمعلمين، في مشهد يعكس عمق الأزمة التي تخنق العاصمة باماكو وبقية المدن.
وردا على النقص الحاد، فرضت السلطات في باماكو قيودا على توزيع الوقود، حيث حُددت الكمية المسموح بشرائها لكل مركبة بما يعادل 17.75 دولارا يوميا فقط. غير أن هذه الإجراءات لم تفلح في كبح الأزمة، إذ تستمر الطوابير أمام المحطات لساعات طويلة وسط فوضى واحتجاجات متفرقة.
وتشير تقارير محلية إلى أن انقطاع الكهرباء الناتج عن نقص الديزل المستخدم في تشغيل المولدات أجبر العديد من المصانع والمكاتب على تقليص أعمالها أو إغلاقها مؤقتا، في حين تشهد الأسواق ارتفاعا متسارعا في أسعار السلع الأساسية بسبب تكاليف النقل الباهظة.
وتربط الأجهزة الأمنية في مالي النقص الحالي بالهجمات المتكررة التي تشنها جماعة “نصرة الإسلام والمسلمين” على قوافل الوقود القادمة من السنغال وساحل العاج، وهي الشرايين الأساسية لتزويد البلاد بالمحروقات.
ومنذ سبتمبر الماضي، نصبت عدة كمائن على الطرق الدولية أدت إلى تدمير عشرات الصهاريج واحتجاز عدد من السائقين، ما تسبب في قطع الإمدادات عن العاصمة لأيام طويلة.
ويرى مراقبون أن الاضطراب الأمني المستمر منذ سنوات جعل من خطوط النقل البرية هدفًا سهلاً للجماعات المسلحة، ما أدى إلى شل سلاسل الإمداد الحيوية وإلى تصاعد المخاوف من انهيار منظومة الطاقة بشكل كامل.
وفي مواجهة هذا الوضع، أعلنت الحكومة في باماكو “خطة طوارئ وطنية” تهدف إلى احتواء تداعيات الأزمة.
وتشمل الإجراءات: مرافقة عسكرية لقوافل الوقود على الطرق الدولية، تأسيس احتياطيات استراتيجية لضمان التزود في حالات الطوارئ، تسهيل إجراءات الاستيراد وخفض الضرائب المفروضة على شركات الطاقة، إعطاء الأولوية في التوزيع للمستشفيات، وسيارات الإسعاف، ووسائل النقل العام.
وتتزامن أزمة الوقود الحالية مع تدهور الوضع المعيشي في مالي، حيث تضاعفت أسعار المواد الغذائية، وارتفعت كلفة النقل، وتراجع الإنتاج الصناعي والزراعي.
ويحذر اقتصاديون من أن استمرار الأزمة قد يؤدي إلى ركود اقتصادي حاد ويدفع الآلاف إلى البطالة، في بلد يعاني أصلا من هشاشة اقتصادية وتوتر سياسي متصاعد منذ الانقلاب العسكري في عام 2021.
التوترات الدبلوماسية تحرم سيدات مالي من المشاركة في كأس العالم للسلة تحت 19 عاما
