ليبيا تطلق جولة عطاءات جديدة تشمل أكثر من 20 قطعة لاستكشاف النفط والغاز، وهي الأولى من نوعها منذ أكثر من 17 عاماً.
وتُعد هذه الخطوة جزءاً من مساعي البلاد لتعزيز موقعها في سوق النفط العالمية واستقطاب استثمارات كبرى.
وتمتلك ليبيا أكبر احتياطي نفطي في إفريقيا، يقدر بأكثر من 48.36 مليار برميل، ويشهد قطاعها النفطي مؤخراً تحسناً ملحوظاً، إذ ارتفع الإنتاج إلى نحو 1.4 مليون برميل يومياً في بداية العام الجاري، بزيادة 19% مقارنة بالمتوسط السنوي للعام الماضي.
وتأمل البلاد في الوصول إلى معدل إنتاج 1.6 مليون برميل يومياً، وهو ما يتطلب استثمارات تتراوح بين 3 إلى 4 مليارات دولار.
وبدأت المؤسسة الوطنية للنفط حملة ترويجية للعطاءات الجديدة، وكانت أولى المحطات في هيوستن الأمريكية، حيث قدمت اللجنة المشرفة عرضاً مفصلًا للشركات الأمريكية حول الفرص المتاحة للاستكشاف في ليبيا، مع شرح للقطع المطروحة وآليات التقديم والشروط الفنية.
وأكد مسعود سليمان، القائم بأعمال رئيس المؤسسة، أن الجزء الأكبر من المواقع غير المكتشفة قد يحمل مشاريع واعدة، داعياً الشركات العالمية إلى المشاركة، مع ضمان توفير بيئة استثمارية مناسبة وشراكات قائمة على الربح المشترك.
وبعد الجولة الأمريكية، عقد سليمان اجتماعاً مع رئيس حكومة الوحدة الوطنية منتهية الولاية، عبد الحميد الدبيبة، لمناقشة التحضيرات للزيارات المقبلة إلى الصين وتركيا بهدف توسيع الشراكات وجذب التكنولوجيا الحديثة.
وأكد الدبيبة أن هذه الجولة تمثل رسالة واضحة بأن ليبيا مستعدة للانفتاح على الشركات العالمية ضمن إطار استثماري حديث وشفاف.
وتتميز ليبيا بأحواض طبيعية غنية بالنفط مثل سرت وغدامس ومرزق، بالإضافة إلى الحوض البحري في البحر المتوسط.
ويرى الخبير القانوني في مجال النفط، عثمان الحضيري، أن تقسيم تلك الأحواض إلى قطع مختلفة يجعل بعض المناطق واعدة بينما تواجه أخرى تحديات جيولوجية.
ولكنه يشكك في جدوى جولة العطاءات الحالية، معتبراً أنها “قفزة في الهواء” تهدف إلى تقديم صورة إيجابية عن القطاع النفطي الليبي، في حين أن الواقع السياسي والأمني قد يعرقل تنفيذها، خاصة أن جولة العطاءات الرابعة التي طُرحت عام 2008 لا تزال بعض اتفاقياتها غير منفذة حتى اليوم.
ومن جهة أخرى، يرى الخبير الاقتصادي الليبي سامح الكانوني أن هذه الخطوة ضرورية لإنعاش الاقتصاد الليبي وتقليل العجز في النقد الأجنبي، مشيراً إلى أن توقف الاستكشافات الجيولوجية في ليبيا منذ نحو عقدين كان له أثر سلبي على القطاع، مما يجعل استقطاب الشركات النفطية الكبرى أمراً حيوياً لزيادة الاحتياطي النفطي ودعم الإنتاج.
ويعتقد الكانوني أن اختيار وجهات الحملة الترويجية لم يكن عشوائياً، فالشركات النفطية الكبرى توجد في أمريكا، بينما تُعد الصين أكبر مستهلك للطاقة عالمياً، وتسعى إلى تأمين إمداداتها عبر شراكات استراتيجية.
وأما تركيا، فهي تمتلك شركات قوية في مجال النفط والاستثمار، كما أن لها خبرات في التفاوض وجذب الاستثمارات.
وأوضح أن المؤسسة الوطنية للنفط تستغل المنافسة بين واشنطن وبكين لصالحها، في رسالة مفادها أن أي تأخير أمريكي في الاستثمار قد يفتح المجال أمام الصين للاستحواذ على الفرص المتاحة.