05 ديسمبر 2025

تراجع التوقعات حول قدرة الدبيبة على إنهاء الميليشيات المسلحة في طرابلس، حيث اعتبر سياسيون أن تصريحاته لا تعكس الواقع، في ظل تزايد نفوذ هذه الجماعات ووجودهم في الوزارات السيادية.

أثارت تصريحات رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية المنتهية ولايتها عبد الحميد الدبيبة حول انتهاء “زمن الميليشيات” ردود فعل متباينة بين السياسيين والخبراء، الذين يشككون في قدرة الحكومة على إنهاء هذه الظاهرة جذرياً.

فبينما يقدم الدبيبة صورة متفائلة عن سيطرة الدولة على الأوضاع الأمنية، يرى مراقبون أن الواقع أكثر تعقيداً، حيث لا تزال التشكيلات المسلحة تلعب دوراً محورياً في المشهد الليبي.

عندما أعلن الدبيبة أن “بلاد الميليشيات قد طُويت إلى الأبد”، كان يلمح إلى تراجع نفوذ بعض التشكيلات المسلحة مثل جهازي “الردع” و”دعم الاستقرار” في طرابلس.

إلا أن هذا الطرح لم يقنع كثيرين، إذ يشير النائب البرلماني عمار الأبلق إلى أن العديد من المجموعات المسلحة اندمجت شكلياً في مؤسسات الدولة مثل وزارتي الداخلية والدفاع، لكنها حافظت على ولائها لقياداتها السابقة بدلاً من الولاء للدولة.

وتأتي هذه التصريحات في وقت تواجه فيه حكومة الوحدة ضغوطاً متزايدة، سواء من الداخل أو من المجتمع الدولي، لإثبات قدرتها على فرض النظام.

ويرى الباحث جلال حرشاوي أن الدبيبة يسعى من خلال هذا الخطاب إلى تحويل الانتباه عن المطالبات برحيل حكومته، خاصة مع اقتراب طرح المبعوثة الأممية هانا تيتيه لخريطة طريق جديدة أمام مجلس الأمن.

تكشف الأحداث الأخيرة عن الفجوة بين الخطاب الرسمي والواقع الميداني. فمحاولة وزير الداخلية عماد الطرابلسي السيطرة على معبر رأس جدير الحدودي، والتي أدت إلى اشتباكات عنيفة وتوقف العمل بالمعبر لثلاثة أشهر، تظهر محدودية قدرة الحكومة على بسط نفوذها حتى داخل مناطق سيطرتها في غرب ليبيا.

ويؤكد أحمد دوغة، نائب رئيس حزب الأمة، أن حل أزمة الميليشيات يتطلب أكثر من مجرد تصريحات، بل يحتاج إلى إجراءات عملية مثل نزع السلاح تدريجياً، وتوفير بدائل اقتصادية لعناصر هذه المجموعات، وملاحقة قادتها إذا لزم الأمر.

لكنه يشير في الوقت نفسه إلى صعوبة تحقيق ذلك في ظل الانقسام السياسي بين شرق ليبيا وغربها، وغياب إجماع وطني حول كيفية معالجة هذه الإشكالية.

رغم التراجع النسبي في عدد الميليشيات خلال السنوات الأخيرة، لا يزال المشهد الأمني في ليبيا هشاً.

فبعض التشكيلات المسلحة، مثل جهاز الأمن العام بقيادة عبد الله الطرابلسي والقوة المشتركة في مصراتة بقيادة عمر بوغدادة، لا تزال تمارس نفوذاً كبيراً، وإن كانت تعمل تحت مظلة حكومية.

كما أن تحول بعض قادة الميليشيات إلى مناصب رسمية، مع احتفاظهم بقواعدهم العسكرية، يجعل من الصعب الحديث عن نهاية حقيقية لهذه الظاهرة.

وتظل التقارير الدولية تحذر من عدم الاستقرار الأمني وانتشار الأسلحة، مما يضع علامات استفهام كبيرة حول مدى مصداقية الادعاء بنهاية عصر الميليشيات.

في النهاية، يبدو أن تصريحات الدبيبة تعكس رغبة رسمية في طي صفحة الميليشيات، لكنها لا تمتلك بعد الأدوات الكافية لتحقيق ذلك على الأرض.

فالتحديات الأمنية والسياسية والاقتصادية التي تواجهها ليبيا تجعل من حل هذه المعضلة عملية طويلة ومعقدة، تتطلب أكثر من مجرد خطابات إعلامية.

ولن يتأتى إنهاء هذه الظاهرة إلا من خلال إرادة سياسية حقيقية، وتعاون بين كل الأطراف الليبية، ودعم دولي فعال.

تركيا تبحث توسيع استثماراتها في الطاقة عبر محادثات مع ليبيا ودول آسيوية

اقرأ المزيد