يقف ملف المهاجرين غير النظاميين في ليبيا أمام منعطف حساس، وسط خلافات سياسية وأمنية داخلية وتنامي القلق من مساعي ترحيل واسعة يقابلها حديث عن إمكانية توطين أعداد كبيرة منهم داخل البلاد.
وتأتي هذه التطورات بينما تواجه ليبيا حالة من الانسداد السياسي منذ إرجاء الانتخابات العامة في ديسمبر 2021، وما نتج عنه من انقسام حاد في مؤسسات الدولة.
وحذّر وزير الداخلية في حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها، عماد الطرابلسي، مما وصفه بـ“مشروع توطين صامت” للمهاجرين غير النظاميين، لافتا إلى أن أعدادهم في ليبيا قد تتجاوز ثلاثة ملايين شخص.
ويرى الطرابلسي أن استمرار تدفق المهاجرين يهدد التركيبة السكانية والأمن الوطني، في ظل ضعف الرقابة على الحدود الجنوبية واتساع الفراغ الأمني في العديد من المناطق.
ويقول الخبير العسكري الليبي، اللواء عادل عبد الكافي، إن الهجرة غير النظامية باتت من أكثر الملفات تعقيدا داخل ليبيا، مؤكدا أن الأزمة تضرب الاقتصاد الوطني وتؤثر على الأمن القومي، خاصة مع غياب سلطة تنفيذية قادرة على بسط نفوذها على كامل التراب الليبي.
ويرى أن المناطق الجنوبية، التي تعد من أهم مسارات الهجرة، تعاني فراغا أمنيا لا تستطيع حكومة الوحدة الوطنية السيطرة عليه.
ويضيف عبد الكافي أن خيار ترحيل المهاجرين مطروح لدى السلطات الليبية، لكنه مكلف ماليا ولوجستيا، ويعتقد الخبير أن الأموال التي تُضخ في عمليات الإعادة يمكن أن توظف في مشاريع تنموية داخل دول المنشأ، وهو ما قد يخفف من موجات النزوح ويعالج جذور الظاهرة بدل الاكتفاء بمعالجة نتائجها.
وأشار إلى أن الاتفاقية المبرمة بين ليبيا وإيطاليا لمراقبة الحدود البحرية ما تزال غير مفعّلة، الأمر الذي أدى إلى اختلال منظومة إدارة الهجرة وتضارب في المسؤوليات بين الأطراف المحلية والدولية.
ورغم الانتقادات الدولية للإجراءات المتبعة داخل مراكز احتجاز المهاجرين في ليبيا، لا تزال هذه المراكز تستقبل الآلاف ممن انقطعت بهم السبل خلال رحلاتهم عبر المتوسط.
ويقول المحلل السياسي حسام الدين العبدلي إن وزير الداخلية الليبي عرض خلال مؤتمر حضره ممثلون عن الاتحاد الأوروبي وعدد من الدول الإفريقية والعربية والأجنبية، برنامجا وطنيا لترحيل المهاجرين غير النظاميين، وهو برنامج وضع بدعم من خبراء وإدارات متخصصة داخل الوزارة.
وأوضح العبدلي أن السلطات الليبية بدأت تنفيذ عمليات الترحيل منذ شهرين، مشيرًا إلى أن الأعداد المرحّلة تصل إلى آلاف الأشخاص، في إطار رؤية تهدف إلى تقاسم الأعباء المالية بين الدول الشريكة في مكافحة الهجرة.
وأشار إلى أن منتدى الهجرة عبر المتوسط، المنعقد في يوليو 2024 بمشاركة مسؤولين أوروبيين رفيعي المستوى، شكّل نقطة تحول في التعامل مع الملف، حيث أفضى المنتدى إلى توافقات حول ضرورة وضع حلول عملية لأزمة الهجرة في المنطقة.
ويختتم العبدلي بالقول إن ليبيا تواجه تحديات جسيمة في إدارة هذا الملف، خاصة في ظل انتظار بدء جولة جديدة من الحوار السياسي في 14 ديسمبر الجاري، ما يجعل مستقبل السياسات المتعلقة بالترحيل أو التوطين مرتبطًا بشكل مباشر بالمسار السياسي المقبل واستقرار مؤسسات الدولة.
عمدة ميلانو يرفض استضافة كأس ليبيا
