يُعد ميناء طرابلس الليبي الشريان البحري الأهم للعاصمة وأحد أبرز المرافئ الاستراتيجية في البلاد، نظراً لدوره الحيوي في الاستيراد والتجارة وتأمين احتياجات السكان. إلا أن الميناء يعاني منذ سنوات من أوضاع متدنية ومتدهورة أثّرت بشكل مباشر على كفاءته التشغيلية وقدرته على أداء دوره الاقتصادي، ما انعكس سلباً على الاقتصاد الوطني ومعيشة المواطنين.
و يُعتبر الصراع المسلح وعدم الاستقرار الأمني العامل الأبرز في تدهور أوضاع ميناء طرابلس. فقد تعرّض الميناء ومحيطه خلال فترات مختلفة لأعمال عسكرية وقصف واشتباكات، ما ألحق أضراراً بالبنية التحتية وأدى إلى توقف جزئي أو كلي للعمليات في بعض المراحل.
و تعاني مرافق الميناء من تقادم واضح في الأرصفة والمعدات والرافعات، إضافة إلى ضعف أعمال الصيانة الدورية. هذا الواقع يقلل من سرعة تفريغ السفن ويرفع تكاليف التشغيل.

و أدّى الانقسام السياسي والمؤسسي في الغرب الليبي إلى إرباك إدارة المرافق الحيوية، ومن ضمنها ميناء طرابلس، إذ تسبب وجود غياب إدارة موحدة ومستقرة في عدم القدرة على وضع خطط تطوير واضحة أو تنفيذ مشاريع تحديث حقيقية.
ويتم بين وقت وآخر الإعلام عن مشاريع تطوير للميناء أو توسعة لكنها تتعثر بسبب تغيّر الجهات المشرفة أو توقف التمويل.
وتم العام 2023 بحث إمكانية تطوير أرصفة الميناء بالتعاون مع شركة تركية، غير أن تعثّر تمويل المشروع حال دون تنفيذه، ليبقى مجرد حبر على ورق
كذلك، يشكّل الفساد الإداري وتعقيد الإجراءات عائقاً كبيراً أمام تحسين أداء الميناء. طول الإجراءات الجمركية وتأخير المعاملات ينعكسان مباشرة على حركة البضائع والأسعار في السوق المحلية.

ويفتقر ميناء طرابلس إلى منظومة نقل لوجستية متطورة تربطه بكفاءة مع باقي المدن الليبية. الطرق المتضررة ونقص التنظيم في حركة الشاحنات يحدّان من سرعة توزيع البضائع.
إن تدهور أوضاع ميناء طرابلس الليبي هو نتيجة مباشرة لتراكمات الصراع، وسوء الإدارة، وتقادم البنية التحتية، والفساد، إضافة إلى الانقسام السياسي المستمر في الغرب الليبي، الأمر الذي يخلق صورة متناقضة مع التطور المستمر في شرقي البلاد، حيث تشهد بنغازي مثلاً تطوراً هائلاً على جميع الأصعدة، بما فيها الميناء الذي شهد نهضة كبيرة خلال السنوات الماضية بسبب الاستقرار الأمني والمؤسساتي، ووجود خطة واضحة لعمليات التطوير.
الداخلية الليبية تأمر بالقبض على “العمو” بعد فضيحة تعذيب فتاة في صبراتة
