قانون المناجم الجديد في الجزائر، أثار موجة جدل حادة داخل الأوساط السياسية، بعد أن صادقت عليه غرفتا البرلمان تمهيدا لدخوله حيز التنفيذ، وسط انتقادات حادة من قوى المعارضة التي طالبت رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون بعدم التوقيع عليه.
وفي بيان مشترك، أعلن قادة ثلاثة أحزاب سياسية معارضة، سفيان جيلالي (جيل جديد)، لويزة حنون (حزب العمال)، وعثمان معزوز (التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية)، رفضهم القاطع للتعديلات التي طرأت على الإطار القانوني لقطاع المناجم، محذرين من “خصخصة مباشرة لقطاع حيوي يندرج ضمن الأمن الاقتصادي للدولة”.
وركزت الأحزاب انتقاداتها على إلغاء قاعدة “49/51″ التي كانت تلزم المستثمر الأجنبي بعدم امتلاك أكثر من 49% من أي مشروع مشترك، إذ يتيح القانون الجديد للأجانب تملك ما يصل إلى 80% من المشاريع المنجمية، في سابقة وصفتها المعارضة بـ”الخطيرة”.
واعتبر البيان أن القانون يفتح الباب أمام الشركات المتعددة الجنسيات “لاستغلال الثروات دون رقيب”، وسط غياب ضوابط مثل “حق الشفعة” الذي يمنح الدولة أولوية التدخل في حال حدوث تجاوزات، محذرين من تداعيات بيئية واجتماعية تهدد المناطق المنجمية والسكان المحيطين بها.
وأضاف قادة الأحزاب أن إقرار هذا القانون “لا ينسجم مع الوضع المالي للبلاد، التي لا تعاني من مديونية خارجية ولا تحتاج إلى إملاءات تمويلية، وهو ما يجعل فتح القطاع أمام الأجانب خطوة غير مبررة من الناحية السيادية”.
كما طالبوا رئيس الجمهورية، بصفته الضامن للدستور، بتجميد القانون وعدم توقيعه، معتبرين أنه “يناقض روح الاستقلال الاقتصادي ويُكرّس منطق التنازل عن الثروات لصالح قوى خارجية”.
وفي المقابل، دافع وزير الطاقة والمناجم محمد عرقاب عن القانون خلال عرضه أمام لجنة الشؤون الاقتصادية في البرلمان، مؤكدًا أنه يهدف إلى “جذب الاستثمارات من خلال تبسيط الإجراءات، وتحفيز النشاط المنجمي، وتسريع عمليات الاكتشاف والاستغلال”.
وأشار عرقاب إلى أن القطاع يعاني من “ضعف في الاستكشاف ونقص في البيانات الجيولوجية”، مؤكدا أن القانون الجديد يعالج هذه الإشكالات عبر “رقمنة العمليات، وتقديم تسهيلات قانونية ومالية للمستثمرين، وتطوير الصناعات التحويلية المنجمية”.
ومن جهته، اعتبر رئيس مجلس الأمة عزوز ناصري أن القانون “يمثل انطلاقة استراتيجية لإعادة هيكلة قطاع المناجم، وتحويله إلى رافعة أساسية ضمن جهود تنويع الاقتصاد بعيدًا عن الاعتماد على المحروقات”.
وبالرغم من تمرير القانون بسهولة داخل غرفتي البرلمان، وبقيت المعارضة في موقع المراقب الخارجي، نظرا لغياب تمثيل حزبيها داخل المؤسسة التشريعية، بعد أن قاطعت انتخابات 2021.
وسبق لحزب “جبهة القوى الاشتراكية”، أقدم أحزاب المعارضة، أن أعلن رفضه للقانون، متهمًا الحكومة بـ”تقديم تسهيلات مريبة للشركات العالمية لنهب باطن الأرض الجزائرية”.
وتمت المصادقة على القانون في مجلس الأمة يوم 8 يوليو الجاري بـ124 صوتا مقابل رفضين وامتناع واحد، بعدما أقرّه المجلس الشعبي الوطني في يونيو.
الجزائر وتونس توقعان اتفاقية تاريخية للتعاون في مجال الدفاع
