05 ديسمبر 2025

مشروع قانون الزواج الجديد في الجزائر لعام 2025 أثار موجةً عارمة من الجدل، إذ تباينت الآراء بين من يراه خطوة إصلاحية ضرورية لتنظيم العلاقة الزوجية، وبين من يعتبره تدخلاً في الخصوصيات الفردية ومسّاً بالثوابت الدينية والثقافية.

ويأتي هذا القانون ضمن حزمة واسعة من التعديلات الاجتماعية والقانونية التي شرعت الحكومة في تنفيذها في إطار ما يُعرف بـ”خطة تعزيز الحقوق المدنية وتحديث التشريعات”، والتي تهدف إلى إرساء منظومة قانونية جديدة تواكب التحولات الاجتماعية وتدعم حماية حقوق الأفراد.

ويتضمن مشروع القانون جملة من البنود المستحدثة التي أثارت اهتمام الرأي العام وأطلقت نقاشات معمقة على المستويين الشعبي والسياسي، ومن أبرز هذه البنود إدراج تفاصيل النفقة والتقسيم المالي بشكل واضح وصريح في عقد الزواج، إذ يُلزم الطرفين بالاتفاق المسبق على التزاماتهما المالية تجنباً للنزاعات التي قد تنشأ لاحقاً سواء في حال استمرار العلاقة الزوجية أو انتهائها بالطلاق.

كما أقر المشروع شرط التوثيق الإلكتروني الإجباري لجميع عقود الزواج عبر منصة رقمية مركزية تشرف عليها وزارة العدل، في خطوة تستهدف مكافحة ظاهرة الزواج غير الرسمي وضمان توثيق العلاقات الأسرية وفق ضوابط قانونية واضحة.

وفي جانب الرعاية الصحية، أصبح الفحص الطبي قبل الزواج إلزامياً، على أن يشمل الكشف عن الخصوبة والأمراض الوراثية، وهو إجراء أثار تساؤلات وانتقادات حول مدى احترام الخصوصية الشخصية وتأثيره المحتمل على فرص الشباب في الزواج.

ومن أبرز التعديلات كذلك رفع سن الزواج القانوني إلى عشرين عاماً لكلا الجنسين، مع إلغاء جميع الاستثناءات القضائية التي كانت تسمح بزواج القُصّر في ظروف معينة، كما شدد القانون القيود على تعدد الزوجات، إذ اشترط الحصول على موافقة الزوجة الأولى وإجراء تقييم قانوني واجتماعي يثبت وجود أسباب حقيقية تستدعي التعدد.

وقد انقسمت مواقف الشارع الجزائري إزاء هذه التعديلات، فمن جهة، رحبت بها جهات حقوقية ومنظمات نسائية اعتبرتها نقلة نوعية في تنظيم العلاقات الزوجية وحماية حقوق المرأة والأطفال، لا سيما في حالات الطلاق أو النزاعات الأسرية.

وفي المقابل، عبّر علماء دين وشخصيات محافظة عن رفضهم لهذه البنود، معتبرين أنها تستند إلى نماذج تشريعية أجنبية لا تتناسب مع الخصوصية الثقافية والدينية للمجتمع الجزائري، وأنها قد تمثل خطوة نحو تغريب الأسرة الجزائرية وفقدان هويتها.

وأما تحت قبة البرلمان، فقد انقسم النواب بين مؤيد يرى في القانون تحديثاً ضرورياً للمنظومة القانونية للأسرة ومواكبة للتطورات المجتمعية، ومعارض يحذر من انعكاساته السلبية على النسيج الاجتماعي والثقافي للبلاد.

وبين دعوات إلى تنظيم الحياة الزوجية وضمان الحقوق المدنية لجميع الأطراف، وبين مخاوف من المساس بالمرجعيات الإسلامية والقيم الأصيلة، يقف مشروع قانون الزواج الجديد في قلب جدل حيوي يختبر قدرة الجزائر على التوفيق بين مقتضيات الحداثة ومتطلبات الحفاظ على الهوية وتقاليد المجتمع.

مصر والجزائر في قمة حاسمة ببطولة إفريقيا لشباب الطائرة بالقاهرة

اقرأ المزيد