08 ديسمبر 2025

كشفت بيانات رسمية في ليبيا عن حجم غير مسبوق من عمليات التلاعب بالسجلات المدنية، شملت إصدار هويات وطنية مزورة لصالح أجانب، ما أثار تحذيرات من تأثيرات مباشرة على الأمن القومي والتركيبة الديموغرافية للبلاد.

وتؤكد التحقيقات أن هذا التزوير لم يقتصر على الأوراق الشخصية، بل امتد ليشمل استفادة غير مشروعة من أموال ومزايا مخصصة حصرا للمواطنين الليبيين.

وقال المحامي العام بمكتب النائب العام، خليفة عاشور، إن السلطات ضبطت نحو 34 ألف قيد مدني مزور تمت إضافته إلى منظومة الرقم الوطني، موضحا أن العديد من المستفيدين الأجانب حصلوا بموجب تلك القيود على مبالغ مالية ومنح اجتماعية موجهة لدعم الأسر الليبية في مواجهة متطلبات الحياة، ما تسبب في إهدار موارد الدولة المخصصة للمواطنين.

وأشار عاشور إلى أن الوثائق المزورة أتاحت لأفراد وعائلات أجنبية الحصول على أرقام وطنية وجوازات سفر وبيانات رسمية أخرى، مما وفر لهم مزايا المواطنة الليبية من دون وجه حق، بما في ذلك الامتيازات المالية والحقوق المرتبطة بالتصويت والمشاركة في العمليات الانتخابية.

ومن جهته، أكد مقرر اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، أحمد حمزة، أن ظاهرة تزوير الأرقام الوطنية والجنسية تصاعدت منذ عام 2011 بوتيرة لافتة، مرجحا أن تكون الأرقام المعلنة أقل بكثير من الحجم الحقيقي المتوقع اكتشافه لاحقا، خصوصا مع استمرار مراجعة السجلات واعتماد منهجيات تدقيق أكثر شمولا.

وأوضح حمزة أن شبكات التزوير ضمت موظفين ومسؤولين داخل مكاتب السجل المدني بعدد من المدن الليبية، ساهموا في إدراج أسماء أجانب داخل قيود عائلات ليبية، وتسهيل إصدار جوازات سفر ومنح الجنسية خارج إطار القانون.

واعتبر أن هذه الوقائع تكشف عن مستويات خطيرة من الفساد الإداري والمالي داخل مؤسسات الأحوال المدنية.

وحذر حمزة من التداعيات بعيدة المدى لهذه الجرائم على الهوية الوطنية والتوازن الديموغرافي، إضافة إلى الأثر الاقتصادي والأمني، بعدما ثبت حصول أجانب على منافع مالية مخصصة لليبيين، من بينها منحة الأسر وامتيازات سعر الدولار المخفض، فضلا عن الاستفادة من الخدمات العامة المجانية كالتعليم والعلاج.

وأشار إلى أن انتشار جوازات السفر المزورة انعكس أيضا على حركة الليبيين في الخارج، من خلال فرض قيود إضافية على منح التأشيرات، داعيا النيابة العامة إلى تكثيف جهودها لتفكيك هذه الشبكات وملاحقة المتورطين.

وفي إطار مواجهة الظاهرة، بدأت السلطات الليبية منذ أشهر تنفيذ حملة موسعة لمراجعة السجلات المدنية، أسفرت عن توقيف عدد من المتورطين في عمليات التزوير، بينما تواصل الجهات المختصة تدقيق البيانات واستخدام نظم رقمية جديدة لتعزيز حماية الهوية الوطنية.

 

ليبيا تقترب من المصالحة الوطنية عبر توقيع ميثاق السلام في أديس أبابا

اقرأ المزيد