في ورشة بحي سيدي حسين، يجسد فاروق سعيد (56 عاماً) قصة كفاح استثنائية، إذ تحول من طفل كفيف طُرد من المدرسة إلى فني محترف ومدرب للمكفوفين، ويرنو لإنشاء ورشة كاملة مخصصة لذوي الإعاقة البصرية، مؤكداً أن الإعاقة ليست في العين بل في الفكر.
فاروق سعيد هو فني كهرباء كفيف يعيش في مدينة بنغازي الليبية، ويشتهر بمهارته في إصلاح الأجهزة الكهربائية مثل الغسالات والثلاجات.
رغم إعاقته البصرية، نجح سعيد في التحول إلى رمز للتحدي والإلهام لكثير من الزبائن الذين يقدرون مهارته الفنية ومسيرته الإنسانية.
ولد سعيد عام 1968 ببصر طبيعي، لكن بصره خفت تدريجياً خلال سنوات الدراسة الأولى حتى لم يعد قادراً على رؤية الكتابة، مما أدى إلى طرده من المدرسة وهو في الصف الثاني الابتدائي، وهذه التجربة الصعبة تركت أثراً عميقاً في نفسه، لكنها شكلت أيضاً نقطة تحول في حياته المهنية والإنسانية.
بعد ترك المدرسة، بدأ سعيد العمل في ورشة والده البسيطة حيث تعلم فنون إصلاح الأجهزة الكهربائية باستخدام حواسه الأخرى وتحت إرشاد والده.
واعتمد على التعلم المستمر عبر التطبيقات الصوتية والأدوات الإلكترونية الحديثة مثل الأفوميتر الصوتي لتطوير مهاراته.
على الصعيد الشخصي، تزوج سعيد من امرأة كفيفة وأنجبا أربعة أطفال، بينهم ثلاثة مكفوفين، ما دفعه للتفكير في مساعدة الآخرين من فاقدي البصر وتعليمهم مهارات تكسبهم العيش.
وفي حي سيدي حسين ببنغازي، وجد سعيد المنصة المثالية لتوسيع جهوده التعليمية والتدريبية، فأصبح معلماً وصديقاً لطلابه المكفوفين الذين أعانهم على دخول سوق العمل.
ورغم شح الموارد وضعف الإمكانات لجمعية المكفوفين التي تأسست منذ عام 1961، لعب سعيد دوراً كبيراً في تدريب وإعداد المئات منهم لسوق العمل.
ومع اقترابه من سن الستين، يظل سعيد مصمماً على ترك أثر دائم ويطمح لإنشاء ورشة متكاملة يديرها المكفوفون فقط، ليمنحهم فرصة بناء حياة جديدة وفتح آفاق أوسع.
ويؤكد سعيد أن الدولة لم تقدم الكثير للمكفوفين، لكنه يبقى مفعماً بالأمل في قدرته على توفير الدعم والمساعدة للآخرين، مستنداً إلى تجربته القاسية وإصراره الذي لم يتوانى عن نقله إلى كل من حوله.
الشرطة الإيطالية تقبض على 10 مصريين متورطين في تهريب المهاجرين
