تونس تشهد موجة غضب واسعة بعد وفاة شابين نتيجة نقص الأدوية، في حادثتين أثارتا مخاوف المواطنين بشأن تكافؤ فرص الحصول على الرعاية الصحية.
وتأتي هذه الأحداث في وقت يعاني فيه النظام الصحي من أزمة هيكلية متجذرة، حيث بلغت ديون المستشفيات والصناديق الاجتماعية الحكومية نحو 497 مليون دولار، فيما تقدر ديون الصيدلية المركزية بنحو 448.2 مليون دولار.
وكان المهندس الشاب حسين عبودي قد توفي في 23 أغسطس بعد ستة أشهر من الانتظار للحصول على علاج مرض السرطان، فيما لقي الشاب حسام حرباوي حتفه قبل أقل من 24 ساعة لأسباب مماثلة، بعد أكثر من شهرين من دون علاج بسبب رفض طلبه للتغطية الصحية.
وصدمت هذه الحوادث الرأي العام، وأكدت مجدداً أهمية ضمان حق المرضى في الحصول على الرعاية الصحية الأساسية.
وفي مواجهة الأزمة، دعت وزارة الصحة إلى ترشيد استخدام الأدوية، ما أثار انتقادات من الرأي العام، وردت الوزارة ببيان توضيحي، قالت فيه إن “ترشيد استخدام الأدوية علم قائم بذاته في كل دولة من دول العالم”، موضحة أن الهدف هو الاستخدام المناسب من حيث الكمية والمدة، لضمان فعالية الأدوية والحفاظ على استمرار الإمداد، وأكدت الوزارة أن ترشيد الاستهلاك “لا يعني خفض مستوى الرعاية الصحية”.
وأعلنت وزارة الصحة عن خطة وطنية لإنشاء منصة للإنذار المبكر داخل الصيدلية المركزية، تشمل الإبلاغ الدوري عن مستويات المخزون من قبل الشركات المصنعة، وتعزيز التنسيق مع المختبرات في حال حدوث أي انقطاع في الإنتاج، إلى جانب حملة وطنية لتشجيع استخدام الأدوية المثيلة.
وتعود جذور الأزمة إلى تراكم الديون، إذ تواجه المستشفيات العمومية وصناديق الضمان الاجتماعي صعوبات كبيرة في الوفاء بالتزاماتها المالية تجاه الصيدلية المركزية، المؤسسة العمومية المسؤولة عن تسويق وتوريد الأدوية.
ومع ارتفاع الالتزامات المالية، وصلت الديون المتأخرة في ذمة المستشفيات والصناديق الاجتماعية لدى الصيدلية المركزية إلى 1442 مليون دينار ( 497 مليون دولار)، بينما تقدر ديون الصيدلية نفسها بنحو 1300 مليون دينار ( 448.2 مليون دولار)، ما حال دون قدرتها على سداد مستحقات مزوديها الأجانب الذين أصبحوا يشترطون الدفع الفوري قبل أي تسليم.
وتشكل هذه الدائرة المفرغة تهديداً لسلسلة التوريد، إذ يؤدي التأخير في التسليم إلى تفاقم نقص الأدوية، ما يضعف النظام الصحي المنهك بالفعل.
وأكد أيمن الخليفي، نائب الأمين العام للاتحاد التونسي للصيادلة، أن “نقص الأدوية ناجم عن عوامل متعددة، منها عدم توافر بعض المواد الأولية عالمياً، وتوقف بعض المنتجين عن تصنيع أصناف معينة، بالإضافة إلى الأزمة المالية للصيدلية المركزية التي تمنعها من تجديد مخزونها بالكامل، مما يؤدي إلى نقص مؤقت في بعض الأدوية”.
تونس.. إيقاف إيطالي بتهمة صناعة قارب لهجرة غير نظامية
