اليوم يُصادف ذكرى ميلاد شيخ المجاهدين وأسد الصحراء عمر المختار، الذي قاد معارك المقاومة الليبية ضد الغزو الإيطالي لأكثر من عقدين، وأصبح رمزاً خالداً للجهاد الوطني في التاريخ الحديث.
وُلد المختار في 20 أغسطس 1861 بقرية جنزور الشرقية قرب طبرق، ونشأ يتيماً فكفله علماء السنوسية، حيث تلقى تعليمه الأول في زاوية جنزور ثم في الجغبوب على يد كبار مشايخ الحركة السنوسية، فبرزت عليه علامات الذكاء والرزانة، حتى وصفه الإمام المهدي السنوسي بقوله: “لو كان عندنا عشرة مثل عمر المختار لاكتفينا بهم”.
وتدرج المختار في صفوف الحركة السنوسية حتى تولى مشيخة زاوية القصور بالجبل الأخضر، ومع اندلاع الغزو الإيطالي عام 1911م انخرط في صفوف المجاهدين وأسهم في تأسيس حركة المقاومة، وقاد عشرات المعارك الكبرى أبرزها معركة درنة عام 1913، التي كبّد فيها العدو الإيطالي خسائر فادحة.
وعلى مدى عقدين واجه المختار القوات الإيطالية في أكثر من ألف معركة، مستفيداً من خبرته في الجبال والوديان، حتى وصف القادة الإيطاليون صمود رجاله بالأسطوري، إذ أكد أحدهم أن قواته خاضت معه 263 معركة في أقل من عشرين شهراً.
ومع تصاعد المقاومة عيّنه السيد محمد إدريس السنوسي قائداً عاماً للجهاد عام 1923، فنظّم صفوف المجاهدين ووزع المهام بين القادة، ليواصل المعارك ضد محاولات إيطاليا لاجتياح برقة وقطع الإمدادات القادمة من مصر.

ورغم تشديد الحصار وتبدل الخطط الاستعمارية، بقي المختار متمسكاً بخيار القتال حتى النهاية، رافضاً كل محاولات الاستسلام أو المساومة.
وفي 11 سبتمبر 1931 وقع أسد الصحراء أسيراً بعد معركة وادي بوطاقة، حيث أصيبت فرسه وسقطت به، فعجز عن مواصلة القتال، نُقل إلى بنغازي وسط حراسة مشددة، وهناك انعقدت محاكمة صورية في 15 سبتمبر انتهت بالحكم عليه بالإعدام شنقاً.
وفي صباح 16 سبتمبر 1931، جرى تنفيذ الحكم بساحة سلوق أمام عشرات الآلاف من الأهالي والمعتقلين، وقد ظهر المختار رابط الجأش، مبتسماً، مردداً: “إن الحكم إلا لله”، ويروي شهود أنه أذّن بصوت خافت أو تلا قوله تعالى: {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً}.
وترك عمر المختار وصيته الخالدة قبل استشهاده قائلاً: “نحن لا نستسلم.. ننتصر أو نموت.. وهذه ليست النهاية، بل سيكون عليكم أن تحاربوا الجيل القادم والأجيال التي تليه، أما أنا فإن عمري سيكون أطول من عمر شانقي”.
ليبيا تسجل 76 حالة غرق خلال شهرين.. وتحذيرات من نقص معدات الإنقاذ
