وسط تصاعد التحديات الأمنية والإنسانية على خطوط الهجرة عبر البحر المتوسط، احتضنت العاصمة الليبية طرابلس، اليوم الثلاثاء، اجتماعا دوليا أمنيا رفيع المستوى لمناقشة ملف الهجرة غير النظامية، بحضور وزراء داخلية إيطاليا، اليونان، ومالطا، والمفوض الأوروبي المكلف بشؤون الهجرة.
وأعلن رئيس حكومة الوحدة الوطنية منتهية الولاية عبد الحميد دبيبة عن خطة وطنية شاملة لمكافحة تهريب البشر وتعزيز السيطرة على الحدود، واصفا إياها بأنها “خطوة تعكس إرادة سياسية لبناء حلول مستدامة لا مؤقتة”.
وتشمل الخطة، التي وضعتها وزارة الداخلية، إطلاق حملة وطنية كبرى بالتعاون مع دول أوروبية لملاحقة شبكات التهريب النشطة داخل البلاد وعلى سواحلها، إلى جانب تعزيز الرقابة على المعابر البرية والبحرية في الغرب والجنوب، وتوسيع قدرات الردع عبر الدعم التقني والاستخباراتي.
ودعا الدبيبة إلى “مقاربة تشاركية جديدة” مع الشركاء الأوروبيين تتجاوز الصفقات التقليدية التي تقوم على حجز المهاجرين داخل الأراضي الليبية مقابل دعم مالي، وشدد على ضرورة تقاسم المسؤولية الإقليمية لمعالجة الجذور الحقيقية للهجرة، بما في ذلك غياب التنمية والصراعات الممتدة في منطقة الساحل.
ومن جانبه، قدم وزير الداخلية الليبي عماد الطرابلسي عرضا بالأرقام، كشف فيه أن عمليات الترحيل “الطوعي” للمهاجرين تراوحت بين 9,000 و16,000 حالة سنويا خلال الأعوام الأخيرة، في حين أن التقديرات تشير إلى وجود ما بين 3.5 إلى 4 ملايين مهاجر غير نظامي يقيمون حاليا داخل الأراضي الليبية، ما يعادل تقريبا نصف عدد السكان المحليين.
وأكد الطرابلسي أن الحكومة تعمل على صياغة اتفاق رسمي مع الاتحاد الأوروبي ينظم إدارة ملف الهجرة، ويحفظ السيادة الليبية، مؤكدا أن ليبيا “لا تقبل بأن تُختزل في كونها حارسا حدوديا لأوروبا”، بل تطمح لتكون “شريكا أمنيا وإنسانيا حقيقيا”.
ويعقد الاجتماع على خلفية تزايد تدفقات الهجرة من السواحل الليبية منذ مطلع العام، يتزامن مع تقارير أوروبية تفيد بأن نحو 66 ألف مهاجر حاولوا عبور المتوسط انطلاقا من ليبيا وتونس خلال النصف الأول من 2025 فقط، وهو رقم يزيد بـ40% عن نفس الفترة من العام الماضي.
وتعد ليبيا حاليا من أبرز نقاط انطلاق الهجرة نحو أوروبا، حيث تمتد سواحلها لأكثر من 1,700 كيلومتر، وتفتقر لرقابة متماسكة بسبب الانقسامات الأمنية والسياسية الداخلية، والاتحاد الأوروبي أنفق منذ 2015 أكثر من 1.1 مليار يورو على برامج الهجرة في ليبيا، معظمها خصص لتدريب خفر السواحل الليبي وتجهيز مراكز احتجاز المهاجرين، وسط انتقادات حادة من منظمات حقوقية تتهم بروكسل بـ”تبييض الانتهاكات”.
توتر أمني يهدد العاصمة الليبية.. تحركات عسكرية محتملة ضد “جهاز الردع”
