22 نوفمبر 2024

تشهد منطقة القرن الإفريقي تصاعداً في التوترات على مدار الأشهر الأخيرة، مع تزايد المخاوف من اندلاع صراع كبير بين الصومال وإثيوبيا، وسط غياب أفق واضح للتهدئة بين الطرفين.

وتهدد هذه الأزمة، التي لا تلقى اهتماماً إعلامياً كبيراً، بجر دول المنطقة التي تعاني بالفعل من نزاعات داخلية متجذرة إلى مواجهة خطيرة تهدد الاستقرار الإقليمي وحركة التجارة العالمية عبر البحر الأحمر.

وبدأت الأزمة في الأول من يناير الماضي، عندما وقّعت إثيوبيا، الدولة الحبيسة، “مذكرة تفاهم” مع إقليم أرض الصومال الانفصالي، واعتبرت المذكرة اعترافاً غير مباشر باستقلال الإقليم عن الصومال، وهو ما أثار غضب مقديشو.

ومقابل هذا الاعتراف، حصلت إثيوبيا على ميناء وقاعدة عسكرية على البحر الأحمر، وهو ما يعكس طموحات رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في الوصول إلى منفذ بحري.

ورغم عدم الاعتراف الدولي بإقليم أرض الصومال، الذي أعلن استقلاله من طرف واحد عام 1991، إلا أن توقيع مذكرة التفاهم شكّل تحدياً للسيادة الصومالية، لذلك، ردّت الحكومة الصومالية بإلغاء المذكرة بعد أسبوع واحد فقط من توقيعها، في محاولة لإعادة التأكيد على وحدة أراضيها، بدعم من جامعة الدول العربية وعدة مؤسسات دولية.

ودخلت مصر على خط الأزمة، حيث أعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، عقب لقائه نظيره الصومالي في القاهرة، دعمه الكامل لسيادة الصومال ووحدة أراضيه.

وأكد السيسي في تصريح حازم أن “لا أحد يجب أن يحاول اختبار مصر”، مشدداً على عدم قبول أي تهديد لأمن الصومال، الذي اعتبره جزءاً من الأمن القومي المصري.

ومن جانبه، بدأ الصومال حشد الدعم الدولي لموقفه، حيث وقّع اتفاقيات تعاون دفاعي واقتصادي مع تركيا والولايات المتحدة، وهدد بطرد القوات الإثيوبية المشاركة في مهام حفظ السلام داخل أراضيه، كما وقّع بروتوكول تعاون عسكري مع مصر في أغسطس الماضي، أدى إلى إرسال القاهرة شحنتي أسلحة لدعم مقديشو، مع تعهد بإرسال قوات عسكرية مطلع العام المقبل.

وردّت إثيوبيا، التي تعد الأزمة بمثابة تهديد لطموحاتها في المنطقة، باتهام الصومال بالتواطؤ مع جهات خارجية، وعبرت أديس أبابا عن قلقها من أن تصل الأسلحة المرسلة من مصر إلى أيدي الإرهابيين، مما يزيد من تدهور الوضع الأمني الهش في الصومال.

وفي المقابل، اتهم وزير الخارجية الصومالي إثيوبيا بتهريب الأسلحة بشكل غير قانوني عبر الحدود إلى جماعات مسلحة في الإقليم الصومالي “بونتلاند”.

والصراع بين الصومال وإثيوبيا ليس وليد اللحظة، فالنزاعات التاريخية بين البلدين، والنزاع على الحدود والمياه، تفاقمت مع طموحات آبي أحمد التوسعية، وسعيه لتعزيز نفوذ إثيوبيا في المنطقة، فقد فقدت إثيوبيا منفذها البحري على البحر الأحمر بعد استقلال إريتريا في 1993، ومنذ ذلك الحين تعتمد على ميناء جيبوتي، إلا أن آبي أحمد يسعى منذ توليه منصبه في 2018 لإيجاد منفذ بحري دائم لبلاده.

ومع تصاعد الأزمة، برزت عدة محاولات للوساطة، مثل تركيا، التي تمتلك قاعدة عسكرية في الصومال منذ 2017، وسعت إلى التوسط بين الصومال وإثيوبيا، وعقدت جولتين من المباحثات بين الطرفين، إلا أن الجولة الثالثة التي كانت مقررة الشهر الحالي ألغيت نتيجة لتفاقم التوترات.

وفي إطار الجهود المصرية لتعزيز وجودها في القرن الإفريقي، عُقد اجتماع بين وزراء خارجية مصر والصومال وإريتريا على هامش اجتماعات الأمم المتحدة في نيويورك، لتنسيق المواقف وحماية استقرار المنطقة.

وبينما تدعم القاهرة مقديشو سياسياً وعسكرياً، تواصل إثيوبيا محاولات توسيع نفوذها في القرن الإفريقي، مما يثير مخاوف من تصاعد الصراع بين الجانبين.

ويبدو أن الأزمة في القرن الإفريقي قد تؤدي إلى تصعيد خطير إذا لم يتم احتواؤها، ورغم عدم وجود مؤشرات واضحة على اندلاع حرب مباشرة، فإن التوترات المتصاعدة والتداخل بين المصالح الوطنية والإقليمية قد يؤديان إلى مواجهة عسكرية واسعة النطاق.

ويعتقد خبراء في شؤون القرن الإفريقي أن الحل لا يكمن في تدخل دولة واحدة، بل يتطلب جهداً دولياً منسقاً، مع إشراك جميع الأطراف الإقليمية والدولية، لكن في الوقت نفسه، تظل احتمالات التصعيد قائمة، خصوصاً إذا استمرت إثيوبيا في مساعيها لتعزيز سيطرتها في المنطقة عبر إبرام اتفاقيات بحرية مشابهة لتلك التي أبرمتها مع أرض الصومال.

تراجع المنتخب الليبي أربعة مراكز في تصنيف “فيفا”

اقرأ المزيد