اتهمت صحيفة “توفيما” اليونانية الاتحاد الأوروبي بالتغاضي عن دور تركيا المحتمل في تسهيل الهجرة غير النظامية من ليبيا إلى أوروبا، بينما يركز الاتحاد بشكل متزايد على روسيا كطرف رئيسي في الملف.
وفي تقرير نشرته الصحيفة أمس الإثنين، انتقدت ما وصفته بـ”الانتقائية السياسية” في تعامل الاتحاد الأوروبي مع قضية الهجرة، معتبرة أن بروكسل تُمعن في تجاهل تحركات أنقرة مقابل تركيزها على النفوذ الروسي المتزايد في ليبيا، رغم وجود مؤشرات قوية على تورط الطرفين.
وأورد التقرير تصريحاً حديثاً لمفوض الاتحاد الأوروبي للشؤون الداخلية والهجرة، ماغنوس برونر، أدلى به لصحيفة “بوليتيكو”، دعا فيه إلى تعزيز التعاون مع السلطات الليبية من أجل الحيلولة دون استغلال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للهجرة كورقة جيوسياسية.
وركّز برونر على الحضور الروسي في ليبيا، لا سيما في القواعد الجوية العسكرية بالمنطقتين الشرقية والجنوبية، واصفاً ذلك بأنه يشكل مصدر قلق استراتيجي للاتحاد الأوروبي.
ولكن في المقابل، قالت “توفيما” إن المفوضية الأوروبية امتنعت عن الرد على استفساراتها المتعلقة بالدور التركي في تسهيل تدفقات الهجرة، وتجنبت التعليق على علاقة تركيا باتفاقية التفاهم البحري المثيرة للجدل مع حكومة طرابلس، وكذلك على مشاركتها في مبادرات دفاعية أوروبية رغم تعارض الأدوار.
ونقلت الصحيفة عن مصادر دبلوماسية في بروكسل أن تجاهل الاتحاد الأوروبي للبعد التركي في هذا الملف يطرح تساؤلات مشروعة، مشيرة إلى أن “تورط روسيا موثّق بالفعل، إلا أن تركيا لعبت دوراً محورياً في استخدام الهجرة كوسيلة ضغط على أوروبا”، ووفقاً لتلك المصادر، فإن تركيا، وبعدما أُحبطت محاولاتها لاستخدام اليونان كمعبر للهجرة، لجأت إلى مسارات بديلة.
ولفتت “توفيما” إلى تشابه الوضع الحالي مع أزمة الحدود بين بولندا وبيلاروسيا في عامي 2021 و2022، عندما اتُّهمت الأخيرة، وهي حليف وثيق لروسيا، بتسهيل عبور آلاف المهاجرين من الشرق الأوسط وإفريقيا نحو حدود الاتحاد الأوروبي، ضمن استراتيجية موصوفة بـ”الهجرة المُوجّهة”.
وأضاف التقرير أن موقف الاتحاد الأوروبي حيال تركيا يزداد غموضاً، خاصة وأن بروكسل لا تعترف رسمياً بمذكرة التفاهم البحرية الموقعة بين أنقرة وطرابلس، لكنها في الوقت نفسه تتفادى أي انتقاد مباشر للدور التركي في ملف الهجرة، وهو ما اعتبرته الصحيفة انعكاساً لمصالح اقتصادية وسياسية متشابكة.
وفي هذا السياق، أشارت إلى أن ألمانيا، إلى جانب عدد من دول أوروبا الشرقية، أبدت مؤخراً مواقف أكثر مرونة تجاه تركيا، يتجلى آخرها في صفقة بيع 40 طائرة مقاتلة من طراز “يوروفايتر”، ما أثار قلقاً متزايداً في الأوساط السياسية والعسكرية باليونان.
واستحضرت الصحيفة في هذا الإطار مواقف سابقة للحكومة الألمانية، ولا سيما في عهد المستشارة السابقة أنجيلا ميركل، حين وافقت على تزويد تركيا بغواصات متطورة، معتبرة أن هذا المسار الأوروبي يصب في مصلحة أنقرة ويقوض التوازنات الاستراتيجية في شرق المتوسط، على حساب المصالح اليونانية.
روسيا: دعم تحالف الساحل مسؤولية المجتمع الدولي
