05 ديسمبر 2025

تحول البحث عن النيازك في الصحراء المغربية خلال السنوات الأخيرة إلى نشاط اقتصادي متنام يجذب سكان المناطق النائية، ويستقطب خبراء وهواة من مختلف أنحاء العالم، في ظل تسجيل البلاد واحدا من أعلى معدلات سقوط الأحجار الفضائية عالميا خلال العقدين الماضيين، وفق تقديرات علمية.

وتحتل المملكة، خصوصا مناطق الجنوب الشرقي الممتدة قرب الأطلس والصحراء، مكانة بارزة في هذا المجال بفضل طبيعة مناخها الجاف وتضاريسها المفتوحة التي تساعد في رصد الشظايا وتتبع مسار سقوطها، إضافة إلى قوانين مرنة تسمح بتجارتها وتصدير جزء منها إلى الأسواق الدولية.

ويقول أحد أبناء قرية النزالة، محمد بنيتجيت، إن لحظة ظهور كرة نارية تخترق السماء كفيلة بإطلاق سباق بين الباحثين عن النيازك، ويتزود الرجل، الذي يمارس هذه المهنة منذ نحو 15 عاما، بمغناطيس وعدة بسيطة، ويبدأ رحلة بحث قد تستمر أياما.

ويصف بنيتجيت المعلومة حول مكان السقوط بأنها “رأس المال الحقيقي”، إذ يحافظ كثيرون على سرية مواقع سقوط النيازك لبيعها بأعلى سعر ممكن.

وتبدأ أسعار بعض القطع الصغيرة من مئات الدولارات على منصات المزادات والمبيعات الإلكترونية، بينما تتجاوز قيمتها ملايين الدولارات في حال كانت نادرة أو قادمة من القمر أو المريخ، بحسب تقديرات أسواق متخصصة.

وبحسب أستاذة علم النيازك والكواكب بجامعة الحسن الثاني في الدار البيضاء، حسناء الشناوي أوجهان، فإن حوالي نصف الأبحاث والدراسات العلمية المنشورة حول النيازك في السنوات الأخيرة تستند إلى عينات عُثر عليها في المغرب.

وتشير شهادات خبراء إلى أن شظايا نيزك “تيسينت” المريخي، الذي سقط عام 2011، بيعت بأسعار استثنائية في مزادات عالمية، إذ دفع متحف التاريخ الطبيعي في لندن نحو 330 ألف جنيه إسترليني مقابل قطعة تزن 1.1 كيلوغرام، بينما تحتفظ مؤسسات مغربية بعينات صغيرة تقدّر قيمتها بآلاف الدولارات.

وسمحت التعديلات القانونية منذ 2020 للباحثين المرخصين بتصدير نسبة تصل إلى 90% من النيازك المسجلة رسميا، بينما تُحتفظ بنسبة منها لأغراض توثيقية وعلمية.

ويحصل الباحثون المحليون على التراخيص مجانا، ما شجّع مئات الأشخاص على دخول السوق، وبعضهم ينظم رحلات سياحية للزوار الراغبين في خوض تجربة البحث بالصحراء.

وفي المقابل، تخضع تجارة أحجار الفضاء لتشريعات أشد صرامة في دول شمال إفريقيا الأخرى، حيث تحظر الجزائر وليبيا ومصر وتونس تصدير النيازك، في حين يظل الإطار القانوني غائبا في دول مثل موريتانيا والنيجر، مما يغذي سوقا موازية يصعب تتبعها.

ويرى مسؤولون محليون أن تجارة النيازك لعبت دورا في تنويع مصادر الدخل بالمناطق التي تواجه تحديات اقتصادية مرتبطة بندرة المياه وتأثر رعي الماشية بتغير المناخ.

ورغم قصص الباحثين الذين تمكنوا من جني ثروات، لا يزال آخرون يأملون في العثور على قطعة نادرة تغير أوضاعهم المالية.

ويحتفظ بنيتجيت بحجر صغير يزن 250 غراما، ويقدر أنه قادم من القمر، مشيرا إلى أن قيمته قد تتجاوز 1200 دولار.

ويرى علماء الفلك أن النيازك المكتشفة في المغرب تسهم في فهم تطور النظام الشمسي، خاصة تلك التي تحتوي على معادن نادرة وعناصر عضوية قادمة من الكويكبات.

كما أدى اتساع دائرة الاهتمام إلى جذب سياح وهواة من أوروبا وأميركا وآسيا، يبحثون عن تجارب فريدة في قلب الصحراء.

ورغم غياب أرقام رسمية حول حجم التجارة، يعتقد خبراء أن المعاملات الفعلية تتجاوز بكثير ما يتم تسجيله لدى السلطات.

تقرير: ليبيا والمغرب أبرز أسواق الصادرات التركية في شمال إفريقيا

اقرأ المزيد