تسعى دول شمال أفريقيا لتحقيق تحول استراتيجي في إنتاج الهيدروجين الأخضر، مستفيدة من مصادر الطاقة المتجددة، وتستهدف المنطقة إنتاج 5.2 مليون طن سنوياً بحلول 2030 رغم التحديات المالية والتنظيمية.
تشهد دول شمال إفريقيا تحولاً استراتيجياً في مجال الطاقة، حيث تتبوأ موقعاً متقدماً في السباق العالمي لإنتاج الهيدروجين الأخضر، مستفيدةً من ميزات تنافسية فريدة تضعها في الصدارة العالمية.
وتتمتع المنطقة بوفرة في مصادر الطاقة المتجددة، حيث تسجل أعلى معدلات للإشعاع الشمسي وسرعات الرياح على مستوى العالم، مما يمكنها من إنتاج هذا الوقود المستقبلي بتكلفة تنافسية غير مسبوقة.
كشفت أحدث التقارير الصادرة عن وحدة أبحاث الطاقة بواشنطن عن طموحات كبرى لدول المنطقة في هذا المجال. حيث تستهدف دول شمال إفريقيا مجتمعة إنتاج 5.2 مليون طن سنوياً بحلول عام 2030، مع خطط طموحة لزيادة هذه الكمية إلى 25 مليون طن بحلول منتصف القرن الحالي.
وتتصدر مصر دول المنطقة بأهداف لإنتاج 3.2 مليون طن بحلول 2030، بينما تأتي موريتانيا في المرتبة الثانية بمليون ومئتي ألف طن، يليها المغرب بخمسمائة وعشرة آلاف طن، ثم تونس بثلاثمائة وعشرين ألف طن.
تركز الاستراتيجيات الوطنية لهذه الدول على تحويل الهيدروجين إلى منتجات ذات قيمة مضافة أعلى مثل الأمونيا الخضراء والميثانول والصلب الأخضر، لتعزيز مكانتها التنافسية في الأسواق العالمية.
وتبرز موريتانيا كأحد أهم اللاعبين في هذا المجال، حيث تخطط لتصدير 6.9 مليون طن من الأمونيا بحلول 2030، بينما يطمح المغرب لتصدير 2.72 مليون طن من الوقود السائل المشتق من الهيدروجين.
على الرغم من الإمكانات الهائلة التي تتمتع بها المنطقة، إلا أن الطريق نحو تحقيق هذه الطموحات ليس خالياً من التحديات، حيث تواجه دول شمال إفريقيا عقبات كبيرة تشمل صعوبات في جذب التمويل بسبب تصورات المستثمرين للمخاطر، ونقصاً في الكوادر المؤهلة، وضعفاً في البنية التحتية اللوجستية الداعمة، بالإضافة إلى عدم وضوح الأطر التنظيمية الحاكمة لهذا القطاع الناشئ.
في المقابل، تبرز فرص استثنائية للاستفادة المحلية من ثورة الهيدروجين الأخضر. حيث يمكن لهذا القطاع أن يسهم في خفض فاتورة واردات الغاز، وإنتاج الأسمدة محلياً، والاستفادة من البنية التحتية الحالية لأنابيب الغاز، بالإضافة إلى تطوير صناعة الصلب الأخضر التي تشكل أحد القطاعات الواعدة في المنطقة.
أكد التقرير على أربعة محاور أساسية لضمان نجاح هذه التحولات الكبرى، أولها ضرورة وجود سياسات حكومية داعمة ورؤية استراتيجية واضحة، يليها أهمية نقل التكنولوجيا وتوطين الصناعة، ثم تأتي الحاجة إلى آليات تمويل مبتكرة، وأخيراً ضرورة تطوير سلاسل الإمداد والكفاءات المحلية.
يشدد الخبراء على الأهمية البالغة لإشراك المجتمعات المحلية في هذه التحولات الكبرى، ليس فقط لضمان الاستقرار الاجتماعي، ولكن لتحقيق تنمية شاملة تعود بالنفع على جميع الأطراف.
وتبرز منطقة شمال أفريقيا كشريك استراتيجي لأوروبا في تحقيق أهداف التحول الأخضر، مع إمكانية إحداث نقلة نوعية في الاقتصادات المحلية تعيد رسم الخريطة الاقتصادية للمنطقة.
احتجاجات في المغرب ضد مشاركة وزيرة إسرائيلية في مؤتمر دولي
