05 ديسمبر 2025

كشف النائب التونسي السابق مجدي الكرباعي عن وجود شبكة دولية معقدة تربط المافيا الإيطالية بتجارة الملابس المستعملة في تونس، محذرا من أن هذه التجارة تستخدم كغطاء لتهريب نفايات نسيجية خطيرة تهدد البيئة والصحة العامة.

وخلال ظهوره على قناة Rai3 الإيطالية، أوضح الكرباعي أن كميات ضخمة من الملابس تصل إلى الموانئ التونسية قادمة من إيطاليا، وتصنف رسميا على أنها قابلة لإعادة الاستخدام، غير أن جزءا كبيرا منها نفايات غير صالحة لإعادة التدوير.

وأكد أن جزءا من هذه الشحنات يعرض في الأسواق المحلية، بينما يلقى الجزء الآخر في مصبات عشوائية أو يُحرق داخل مصانع نسيج بهدف إخفاء الأدلة على مصدرها الحقيقي.

وأشار الكرباعي إلى وجود ما وصفه بـ “المافيا البيئية” في تونس، تضمّ وسطاء ومسؤولين مرتبطين بشبكات تجارية وإدارية، تسعى إلى تحقيق أرباح ضخمة على حساب سلامة البيئة وصحة المواطنين.

وأوضح أنه قدم ملفا مدعوما بالوثائق إلى السلطات التونسية منذ أشهر حول هذه الأنشطة، لكن لم يتلقّ أي ردّ رسمي أو إشعار بفتح تحقيق قضائي.

ويقول الكرباعي إن “السيناريو نفسه يتكرر اليوم، لكن بطرق أكثر دهاء، إذ يتم تمرير النفايات في حاويات الملابس المستعملة”، مستغلين ثغرات التصاريح الجمركية والفواتير التجارية.

وحذّر الكرباعي من أن النفايات النسيجية التي تصل إلى تونس غالبًا ما تكون ملوثة بالمواد الكيميائية والمعادن الثقيلة، ما يجعلها خطيرة على التربة والمياه والهواء. وأوضح أن التخلص منها عبر الدفن أو الحرق العشوائي يؤدي إلى انبعاث مواد سامة قد تسبب أمراضًا تنفسية وسرطانية، خصوصًا في المناطق القريبة من المصانع أو التجمعات السكنية.

ويأتي هذا الكشف بعد خمس سنوات من فضيحة النفايات الإيطالية عام 2020، حين تم اكتشاف 282 حاوية ملوثة قادمة من مقاطعة كامبانيا الإيطالية إلى ميناء سوسة.

وأجبرت الضغوط الدولية حينها السلطات الإيطالية على استرجاع جزء من الشحنة، بينما بقيت القضية رمزًا لثغرات الرقابة على النفايات الأوروبية المصدّرة إلى أفريقيا.

وأكدت منظمات بيئية أوروبية، منها Greenpeace Italia وLegambiente، أن الظاهرة لا تقتصر على تونس، بل تمتد إلى دول شمال إفريقيا وإفريقيا جنوب الصحراء، حيث تُستخدم تجارة الملابس المستعملة كوسيلة لتفادي تكاليف معالجة النفايات في أوروبا.

ووفق تقرير Greenpeace Africa بعنوان “Draped in Injustice” الصادر في يوليو الماضي، فإن 46% من الملابس المستعملة عالميا مصدرها الاتحاد الأوروبي، ويقدر أن نحو 900 ألف طن من هذه الملابس وصلت إلى تونس ودول أفريقية أخرى عام 2022، نصفها تحوّل إلى نفايات تُدفن أو تُحرق في الهواء الطلق.

وقالت تشيارا كامبيوني من منظمة Greenpeace Italia إن “الظاهرة خرجت عن السيطرة، وعلى الشركات الأوروبية أن تتحمل مسؤولياتها كاملة وفق مبدأ من يلوّث يدفع”.

جدل في البرلمان التونسي حول مبادرة للعفو العام عن جرائم الشيك دون رصيد

اقرأ المزيد