27 أبريل 2025

دراسة حديثة تكشف أن الصحراء الكبرى كانت في العصور القديمة مليئة بالمسطحات المائية الواسعة والغابات الخضراء، مما وفر بيئة مثالية للبشر للاستقرار وتربية المواشي.

وقام فريق بحثي دولي من معهد “ماكس بلانك” الألماني بالتعاون مع جامعتي فلورنسا وروما سابينزا الإيطاليتين بتحليل الحمض النووي لرفات امرأتين عُثر عليهما في ملجأ تاركوري الصخري في قلب الصحراء الليبية.

وتعود هذه الرفات إلى “العصر الرطب الإفريقي” أو “الصحراء الخضراء”، الذي امتد بين 14500 و5000 عام مضى، وفي ذلك الوقت، كانت المنطقة عبارة عن سافانا مزدهرة، وهي بيئة كانت تدعم استقرار البشر وتربية المواشي.

وأثارت هذه الاكتشافات تساؤلات حول تأثير التغيرات المناخية على تشكيل الحضارات البشرية عبر العصور.

وأظهرت التحليلات الجينية للرفات المكتشفة وجود سلالة بشرية فريدة في شمال إفريقيا، كانت معزولة جينياً عن شعوب جنوب الصحراء الكبرى منذ نحو 50 ألف عام.

وتدحض هذه النتائج النظرية السابقة التي كانت تشير إلى وجود تبادل جيني بين شمال الصحراء وجنوبها خلال تلك الفترة.

وتكشف الدراسة أيضاً عن تفاصيل مثيرة بشأن التركيبة الجينية للسكان القدامى، على سبيل المثال، أظهرت التحليلات أن الحمض النووي للمرأتين من تاركوري يحتوي على نسبة أقل من جينات إنسان نياندرتال مقارنة مع السكان خارج إفريقيا، بينما كانت هذه النسبة أعلى مقارنة بسكان جنوب الصحراء، هذا يشير إلى تدفق جيني محدود من خارج إفريقيا إلى شمالها.

وأضافت الدراسة أن المرأتين المدفونتين في ملجأ تاركوري الصخري تنتميان إلى سلالة فريدة من شمال إفريقيا انفصلت عن سلالات شعوب جنوب الصحراء الكبرى في الوقت الذي بدأت فيه السلالات البشرية الحديثة بالانتشار خارج إفريقيا قبل نحو 50 ألف عام.

وكانت هناك روابط جينية بين هاتين المرأتين وبين صيادين عاشوا في المغرب قبل 15 ألف عام، في “حضارة الإيبروموريسية” التي سبقت الفترة الرطبة الإفريقية، وهذا الاكتشاف يثبت أن شمال إفريقيا كان يحتوي على مجموعة جينية فريدة، منفصلة جينياً عن سلالات جنوب الصحراء الكبرى.

وفي تعليقه على نتائج الدراسة، قال البروفيسور يوهانز كراوس، مدير معهد “ماكس بلانك”: “هذه النتائج تقلب المفاهيم السابقة رأساً على عقب، وتكشف عن فصل جيني غير متوقع بين شمال وجنوب الصحراء الكبرى”.

ومن جانبها، قالت الدكتورة ندى سالم، المؤلفة الرئيسية للدراسة، إن “الدليل الجيني الذي تم العثور عليه يثبت وجود حضارة بشرية متطورة في الصحراء الخضراء، تطورت بمعزل عن غيرها لآلاف السنين”.

وأكد البروفيسور ديفيد كاراميلي من جامعة فلورنسا على أن “هذه الدراسة تثبت أن تقنيات التحليل الجيني الحديثة يمكنها كشف أسرار الماضي التي عجزت عنها الأدوات الأثرية التقليدية”.

اقرأ المزيد