تشير الزيارة الثالثة التي يجريها نائب القائد العام للقوات المسلحة الليبية، صدام حفتر، إلى تركيا خلال أقل من عامين، إلى مسار متسارع نحو تعزيز الروابط العسكرية والسياسية بين أنقرة والشرق الليبي، في تحول واضح عن مرحلة التوتر التي سادت السنوات الماضية.
وخلال زيارته الأخيرة، عقد حفتر سلسلة لقاءات منفصلة مع وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، ووزير الدفاع يشار غولر، قبل أن يجتمع اليوم الجمعة برئيس الأركان العامة سلجوق بيرقدار أوغلو.
وتركزت المحادثات على التطورات الميدانية في ليبيا وسبل تعزيز التعاون الأمني، بما يشمل مواجهة التحديات الإقليمية ودعم مسارات الاستقرار.
ووفق بيانات ليبية رسمية، تهدف هذه الزيارات إلى الاطلاع على أحدث الصناعات الدفاعية التركية وبحث فرص تطوير قدرات الجيش الليبي، خصوصا في مجال القوات البرية.
وهذا الانفتاح التركي على الشرق الليبي لم يكن وليد اللحظة. فمنذ اتفاق وقف إطلاق النار عام 2020، اتخذت أنقرة خطوات تدريجية لإعادة ترتيب علاقاتها، بدأت بزيارات رسمية لرئيس البرلمان عقيلة صالح عامي 2022 و2023، وصولًا إلى لقاءات رفيعة المستوى شهدتها الأشهر الأخيرة.
وتجدد الحراك الدبلوماسي التركي عقب زيارة رئيس جهاز الاستخبارات إبراهيم كالين إلى بنغازي في أغسطس الماضي، حيث التقى القائد العام للقوات المسلحة الليبية، خليفة حفتر.
وجاءت الزيارة بالتزامن مع وصول السفينة الحربية التركية “كينالي آدا” إلى ميناء بنغازي، في رسالة رمزية تعبر عن رغبة أنقرة في تثبيت حضور عسكري وتعاوني مع الشرق الليبي.
وسبق لصدام حفتر زيارة تركيا في أكتوبر 2024 لحضور معرض الدفاع الدولي في إسطنبول، كما أجرى زيارة رسمية أخرى في أبريل الماضي التقى خلالها كبار المسؤولين العسكريين الأتراك.
واعتبرت استضافته في مقر قيادة القوات البرية مؤشرا مهما على اتجاه تركيا نحو الاعتراف العملي بدور القوات المسلحة الليبية.
وأكّد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان في تصريحات سابقة أن أنقرة تعتمد نهجًا أكثر اتساعًا في التعامل مع الملف الليبي، مشيرًا إلى أن التواصل مع شرق ليبيا يتم بصورة منتظمة عبر أجهزة الدولة. وشدد إردوغان على أن بلاده تسعى لتشجيع الحوار بين الشرق والغرب، ودعم وحدة الأراضي الليبية، والمساهمة في الوصول إلى انتخابات شفافة تضع حدا للانقسام السياسي.
كما لفت إلى أن تصديق حكومة بنغازي على مذكرة ترسيم الحدود البحرية الموقعة عام 2019 مع حكومة الوفاق السابقة سيكون مكسبا قانونيا مهما، في إشارة إلى رغبة تركيا في تثبيت مصالحها البحرية في المنطقة.
ليبيا تواجه تراكم ديون وقود تصل إلى مليار دولار لمورديها
