22 ديسمبر 2024

دخلت ليبيا على خط الأزمة في السودان، بإعلان مبادرة “إحلال السلام ووقف الحرب”، ورغم أن قدرة ليبيا محدودة في التأثير على الوضع في السودان نتيجة الصراع الداخلي الذي تعيشه، لكن المبادرة دفعت رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان لزيارة ليبيا وإجراء مباحثات في مدينة طرابلس.

وتأتي الزيارة بناء على دعوة رسمية تلقاها من رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي، في وقت أعلنت الولايات المتحدة  تعيين مبعوث خاص جديد للسودان في إطار مساعي البحث لإنهاء الحرب التي دمرت أجزاء من البلاد وأودت بحياة عشرات الآلاف.

وتمثل زيارة عبد الفتاح البرهان خطوة في إطار تحركاته الإفريقية حيث زار خلال الفترة الماضية مصر والجزائر وجنوب السودان وإريتريا وأوغندا، إضافة لجولات إقليمية قادته إلى تركيا وقطر، لكن زيارته الأخيرة إلى ليبيا توضح تحركا يهدف إلى خلق تأثيرات في معادلة الصراع القائم على الأخص مع زيادة الضغوط الدولية والأمريكية تحديدا على الأطراف السودانية، وذلك بعد أن دخلت الخرطوم في قطيعة مع الهيئة الحكومية للتنمية بشرق إفريقيا (إيغاد)، فزيارات البرهان الإفريقية تسعى لتجميع عوامل إضافية لمواجهة الصعوبات التي تواجهها البلاد في ظل الحرب القائمة.

وتبدو عناوين تعزيز التعاون الاقتصادي والأمني صورة أولية في مباحثات البرهان في ليبيا، فهي تطفو على مشهد سياسي لبلدين خاضعين لشروط إقليمية ودولية مختلفة، فمساحة الزيارة والمباحثات تحمل في عمقها كسب شرعية إفريقية لكلا الطرفين، وتحت سقف إفريقي يحمل في تفاصيله الكثير من العلاقات المضطربة، فما بين الخرطوم وطرابلس هناك ملفات متشابكة لا ترتبط بتفاصيل زيارة البرهان إنما بالتحرك الديبلوماسي الذي يريد إيجاد طريق مختلف لحل الأزمة السودانية.

في المقابل فإن زيارة البرهان إلى ليبيا تحاول التأثير على التحالفات الإقليمية، وجهود حل الصراعات في شمال إفريقيا، فالتصور الذي تحمله المباحثات من خلال الحديث عن تعزيز علاقة أوثق مع ليبيا، ينقل رغبة السودان في التأثير ولو بشكل محدود على توازن القوى في المنطقة، مما يؤدي إلى تحالفات جديدة أو تحولات في العلاقات القائمة، لكنه وفق المعطيات القائمة لن يقدم نموذجا لحل الصراعات والمصالحة السياسية، فهو يطرق أبوابا دبلوماسية مختلفة يمكن أن تؤثر على مسارات الحل.

الجانب الآخر للزيارة يأتي مع تحركات الولايات المتحدة التي أعلنت عن تعيين عضو الكونجرس السابق توم بيرييلو، مبعوثاً خاصاً إلى السودان، ففي وقت تسعى إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى زيادة التركيز على الصراع العسكري المحتدم بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، واستعادة الدور في الأزمة الذي اتسم بالضعف، فبعد أن كانت الفاعل المركزي في إنهاء الحرب بين شمال السودان وجنوبه لعقود، فإنها وفق وصف أعضاء من الكونغرس تراجعت بشكل كبير وهو ما دفعهم لممارسة ضغوط على الإدارة لإجراء تحول في سياستها تجاه السودان.

الصورة الواسعة لزيارة البرهان تتضح في حجم التحديات، فمسألة استقرار السودان لا تنحصر في الجولات التي قام بها للدول الإفريقية، فهي تأتي في موازاة تحركات مشابهة قام بها قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) منذ 27 ديسمبر الماضي قادته إلى كل من أوغندا وجيبوتي وإثيوبيا وكينيا وجنوب إفريقيا، وهو ما يؤشر إلى حشد جبهات دبلوماسية بين الأطراف السودانية على مستوى القارة الإفريقية، فالأفق المسدود الذي دخلت فيه الأزمة يتفاعل اليوم على مستوى الصراع في مساحة الضغوط الدولية من جهة، وكسب المواقف الإفريقية من جهة أخرى، وإذا كانت زيارة البرهان إلى ليبيا تقع ضمن الساحة الإفريقية فإنها في الوقت نفسه توضح أن الصراع الدولي على السودان لم يصل إلى تفاهمات واضحة أو حلول قابلة للاستمرار.

 

بقلم نضال الخضري

 

تجدد الاشتباكات في الفاشر قبيل محادثات وقف إطلاق النار في جنيف

اقرأ المزيد