تواجه السياسة النقدية في مصر اختبارا جديدا بعد قرار الحكومة رفع أسعار الوقود بنسب وصلت إلى 13%، في خطوة يتوقع خبراء الاقتصاد أن تدفع معدلات التضخم للصعود مجددا خلال الشهرين المقبلين إلى ما بين 12.5% و14%، بعد موجة من التراجع استمرت منذ مايو الماضي.
وكان التضخم السنوي تراجع من 16.8% في مايو 2025 إلى 11.7% في سبتمبر، وهو أدنى مستوى له منذ عامين، قبل أن تأتي الزيادة الأخيرة في أسعار المحروقات لتعيد الضغوط على المستهلكين والأسواق.
وتوقعت محللة الاقتصاد الكلي في شركة سي آي كابيتال، سارة سعادة، أن تشهد الأشهر المقبلة “ارتدادًا تضخميا” مؤقتا، مؤكدة أن رفع أسعار البنزين والسولار سيقود إلى زيادة في الأسعار تتراوح بين 1.2% و2.3% حتى نهاية العام.
وأضافت أن “القرار لم يكن مفاجئا، لكنه سيُحدث صدمة قصيرة الأمد، تليها مرحلة استقرار مع تعهد الحكومة بعدم تعديل الأسعار مجددا لمدة عام”.
وأشارت سعادة إلى أن عودة التضخم إلى المستويات المستهدفة ستبدأ تدريجيًا مطلع 2026، على أن يحقق البنك المركزي هدفه ببلوغ متوسط التضخم بين 5% و9% في الربع الأخير من 2026.
ويرى محللون أن ارتفاع أسعار الوقود سيجبر البنك المركزي على تجميد دورة التيسير النقدي مؤقتا، إذ من المرجح تثبيت أسعار الفائدة في اجتماعي نوفمبر وديسمبر المقبلين، بانتظار اتضاح أثر الزيادة على السوق.
وقال مستشار رئاسة مجلس الوزراء، مدحت نافع، إن “رفع أسعار المحروقات سيولد صدمة تضخمية جزئية، قد يتحملها التجار مؤقتا تحت ضغط ضعف القوة الشرائية”، مضيفا أن “الطلب المحدود سيمنع تمرير الزيادة كاملة للمستهلكين”.
وفي المقابل، أوضح الخبير المالي محمد عبد الهادي، المدير العام لشركة وثيقة لتداول الأوراق المالية، أن القرار سيؤدي إلى “ارتفاع محدود” في التضخم، لكنه استبعد أن يدفع المركزي إلى رفع الفائدة مجددًا.
وقال: “من المرجح أن تُبقي لجنة السياسة النقدية على أسعار الفائدة دون تغيير، لتجنب كبح النمو الاقتصادي المتوقع عند 4.5% هذا العام”.
ويؤكد رئيس قسم البحوث بشركة عربية أونلاين، مصطفى شفيع، أن انعكاس القرار سيكون تدريجيا، متوقعا أن يظهر الأثر الأكبر في بيانات ديسمبر، قبل أن يبدأ التضخم في التراجع مجددا مطلع العام المقبل.
وأضاف أن “زيادة تكلفة النقل سترفع أسعار السلع والخدمات بشكل مباشر، لكن التأثير سيظل تحت السيطرة مع تحسن مؤشرات النمو والإنتاج”.
أما خبير أسواق المال هيثم فهمي، فاستبعد أن يؤدي القرار إلى تراجع جديد في قيمة الجنيه المصري، مرجحًا أن يسهم ارتفاع الأسعار في تقليص استهلاك الوقود وخفض فاتورة الاستيراد النفطية، ما قد يحد من الضغوط على العملة المحلية.
وأشار فهمي إلى أن تأثير زيادة الوقود على التضخم “يبقى محدودا” نظرًا لوزن النقل في سلة الاستهلاك المصري، الذي لا يتجاوز 5.3% من إجمالي إنفاق الأسر، موضحًا أن متوسط تأثير القرار على التضخم العام يقدر بـ 0.1% إلى 0.25% فقط.
ويرى المحللون أن المرحلة المقبلة ستشهد سياسة نقدية أكثر حذرًا، مع إمكانية استئناف خفض الفائدة العام المقبل في حال استقرت الأسعار عند مستوياتها الحالية.
وتتوقع سي آي كابيتال أن يخفض البنك المركزي الفائدة تدريجيا بمعدل يتراوح بين 6% و8% خلال عام 2026، بدعم من تراجع الضغوط التضخمية وتحسن مؤشرات الاقتصاد الكلي.
علاقة غير متوقعة.. كيسنجر طلب يد راقصة مصرية
