تمكّن المجلس العسكري في مالي بقيادة العقيد آسيمي غويتا، خلال الأشهر الأخيرة، من فرض قانون التعدين الجديد الصادر عام 2023 على معظم شركات التعدين العاملة في البلاد.
ويهدف قانون التعدين الجديد إلى إخضاع جميع المناجم والمشاريع القائمة للإطار القانوني الجديد، وتعزيز مكاسب الدولة من الثروات المعدنية، وعلى رأسها الذهب والليثيوم.
وكانت من بين أحدث الشركات التي وقّعت اتفاقات مع الحكومة المالية شركتا “فابولا غولد” المشغّلة لمنجم الذهب في كودييران جنوبي البلاد، و”باغاما ماينينغ” التي تدير أنشطة أصغر في منطقة كانغابا غرب مالي، كما أعلنت مجموعة “إنديفور ماينينغ” البريطانية، الرائدة في إنتاج الذهب غرب إفريقيا، قبولها بشروط القانون، مع اعتبار مشروعها في كالانا غير إستراتيجي.
وبخلاف القاعدة المتبعة دولياً في القطاع، والتي تضمن “الاستقرار القانوني” للعقود المبرمة، أصرّ غويتا على تطبيق القانون الجديد بأثر رجعي، ما أدى إلى توترات مع عدد من الشركات الكبرى، من أبرزها “ريزولوت ماينينغ” الأسترالية، التي شهدت توقيف مديرها التنفيذي تيري هولوهان، أثناء التفاوض مع السلطات.
وسُجّل التوتر الأكبر مع مجموعة “باريك ماينينغ” الكندية، المشغّلة لأكبر منجم ذهب في مالي ضمن مجمع “لوولو-غونكوتو”، حيث لم تُوقّع الشركة حتى الآن على اتفاق جديد، وبلغ الخلاف ذروته حين اعتقلت السلطات 4 من مسؤولي الشركة وأصدرت مذكرة توقيف بحق مديرها التنفيذي مارك بريستو، لترد “باريك” بتعليق عملياتها في يناير، قبل أن تضع الحكومة المالية المنجم تحت إدارة مؤقتة.
وقد ظل مجمع “لوولو-غونكوتو” لعدة أشهر موضع اهتمام من مجموعة “فاغنر” الروسية، التي استُبدلت رسمياً في مالي بتشكيل جديد يُعرف بـ”الفيلق الإفريقي”.
وتؤكد السلطات المالية الانتقالية أن تطبيق القانون الجديد هو خطوة سيادية تهدف إلى ضمان استفادة جميع الماليين من ثروات البلاد، وفي مقدمتها الذهب، الذي يُعدّ المورد الرئيسي للعملة الصعبة في البلاد، وقد ألغى القانون الجديد العديد من الإعفاءات الضريبية والجمركية، ورفع من نسب مساهمة الشركات، ومنح الدولة حق امتلاك ما يصل إلى 30% من أسهم أي مشروع تعدين.
كما نص القانون على تخصيص 5% من كل مشروع لشركات خاصة مالية، إضافة إلى إنشاء صناديق تموّلها الشركات لدعم التنمية المحلية والبنية التحتية، تشمل صندوق توظيف الشباب، وصندوق التدريب المهني، وصندوق الإسكان.
وقد جاء القانون عقب تدقيق مشترك أجرته شركتا “مازار” و”إيفنتوس ماينينغ”، بيّن أن سوء الإدارة والثغرات القانونية كلّفت الدولة المالية ما بين 300 إلى 600 مليار فرنك إفريقي، أي ما يعادل 530 مليوناً إلى مليار دولار تقريباً.
ووفق تقديرات حكومية، من المتوقع أن يُدرّ تطبيق القانون الجديد ما لا يقل عن 500 مليار فرنك أفريقي (نحو 880 مليون دولار) سنوياً على خزينة الدولة.
وبحسب بيانات رسمية، ارتفعت مساهمات الشركات متعددة الجنسيات بين عامي 2021 و2022 من 980 ملياراً إلى 1.08 تريليون فرنك إفريقي، وسدّدت شركات التعدين في 2022 وحده ما يزيد عن 602 مليار فرنك إفريقي إلى الخزينة، و39 ملياراً إلى هيئة الضمان الاجتماعي.
وتظهر نتائج تقرير مبادرة الشفافية في الصناعات الاستخراجية لعام 2023 أن 98% من الإيرادات الاستخراجية ذهبت مباشرة إلى الميزانية العامة، فيما خُصص الباقي لتمويل البرامج التنموية المحلية والإقليمية.
وتعكس هذه الأرقام، قبل دخول القانون حيز التنفيذ، أن الدولة المالية تراهن فعلياً على تحقيق طفرة في العوائد الضريبية من قطاع التعدين، في وقت تزداد فيه أهمية الليثيوم والذهب كمحركات اقتصادية واستراتيجية على المستويين الإقليمي والدولي.
إيطاليا توافق على تسليم المغنية المالية رقية تراوري إلى بلجيكا
