دعوة أطلقها نائب في البرلمان الجزائري لإلغاء مادة الفلسفة من امتحانات شهادة البكالوريا، فجرت موجة واسعة من الجدل داخل الأوساط التعليمية والثقافية، وسط تحذيرات من أن تتحول الخطابات الشعبوية إلى أدوات لضرب التفكير النقدي في البلاد.
وأثار النائب رشيد شرشار، المنتمي لحركة البناء الوطني ذات الخلفية الإسلامية والمشاركة في الحكومة، عاصفة من الانتقادات بعدما نشر تدوينة تساءل فيها عن جدوى تدريس الفلسفة قائلا: “ماذا استفدنا منها كمادة؟”، في أعقاب استياء طلاب شعبة الآداب من صعوبة أسئلة الامتحان هذا العام.
ورغم محاولاته التوضيح لاحقا بأن اقتراحه لا يعني رفض الفلسفة كمنظومة فكرية بل يخص طريقة تدريسها، واعتباره أن الامتحانات تعتمد على الحفظ دون الفهم، إلا أن التبريرات لم تخفف من حدة الانتقادات، خاصة في الأوساط الأكاديمية التي رأت في الطرح تهديدًا لجوهر التعليم.
وجاءت ردود الفعل سريعة ولافتة، حيث وصف أكاديميون ونشطاء ما صدر عن النائب بأنه “أزمة وعي سياسي”، وحذر أستاذ الفلسفة بجامعة بجاية محرز بويش من خطورة صدور مثل هذه الدعوات عن ممثلين في مؤسسة تشريعية يفترض أن تُدافع عن الوعي لا أن تفرغه من مضمونه، مضيفًا: “آهٍ على بلدي حين تصبح النخبة مجرد ساعين إلى مناصب بلا عقل أو بصيرة”.
وفي السياق ذاته، اعتبر المؤرخ والأكاديمي رابح لونيسي أن الفلسفة هي “أم العلوم”، وأن أي محاولة لإزاحتها من المشهد التربوي هي في جوهرها محاولة لتغييب التفكير النقدي، متهماً أصحاب هذا التوجه بالسعي إلى إنتاج جيل قابل للانقياد لا للمساءلة.
يذكر أن لدى الجزائر إرث غني من المفكرين والفلاسفة الذين أثروا الفكر العربي والإسلامي والعالمي، سواء في العصور القديمة أو الحديثة، أبرزهم أوغسطينوس (354–430 م)، وهو فيلسوف ولاهوتي من أصل بربري، ولد في تاغاست (الجزائر الحالية)، ويُعد أحد الأباء المؤسسين للفكر المسيحي الغربي، وقد أثّر بشكل عميق في الفلسفة الدينية والسياسية.
الجزائر تعين قنصلين جديدين في المغرب
