05 ديسمبر 2025

عقدت قمة منظمة شنغهاي للتعاون، حيث تم التأكيد على التوافق بين الأعضاء وتعزيز التعاون الاقتصادي لمواجهة الهيمنة الغربية، وسجلت القمة حضوراً قوياً للاعبين كبار مثل روسيا والصين وكوريا الشمالية، مع مناقشة شراكات استراتيجية وخطط لتطوير الطاقة والاقتصاد الرقمي،

منذ تأسيسها عام 2001، لم تشهد منظمة شنغهاي للتعاون قمة بهذا الثقل السياسي والرمزية الاستراتيجية، كما تقول برّو.

فالقمة الأخيرة جاءت في توقيت بالغ الحساسية، وسط إعادة تشكّل للنظام الدولي، وبروز ملامح واضحة لعالم متعدد الأقطاب، تقوده قوى صاعدة تتقدم بخطى ثابتة نحو تقليص الهيمنة الغربية.

التوافق السياسي الكامل: انطلاقة جديدة للمنظمة

واحدة من أبرز سمات هذه القمة، بحسب برّو، كانت حالة التوافق الكامل بين القادة المشاركين، وهو أمر نادر الحدوث في قمم كهذه.

الصين بذلت جهوداً كبيرة لإنجاح القمة، وتجنب أي انقسامات أو خلافات علنية، خاصة مع الأطراف التي تربطها علاقات معقدة ببعض الدول الغربية، كالهند مثلاً.
ورغم تسجيل بعض التحفظات من قبل نيودلهي، خصوصاً في ما يتعلق بالبيانات الخاصة بالاعتداءات الإسرائيلية، إلا أن حضور رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي — لأول مرة منذ اشتباكات 2020 الحدودية مع الصين — عكس رغبة واضحة في إعادة ترميم العلاقات، ولو بحدود معينة.

بين واشنطن وموسكو: انعكاسات المواجهة على مسار القمة

في الخلفية، حضرت العلاقات المتوترة بين الهند والولايات المتحدة، خاصة بعد فرض واشنطن رسوماً جمركية بنسبة 25% على السلع الهندية، ورد فعل الأخيرة بشراء النفط الروسي، الأمر الذي زاد من تعقيد العلاقة بين الحليفين المفترضين.

في هذا السياق، كان لحضور الرئيس الروسي فلاديمير بوتين رمزية قوية، لا سيما بعد لقاء جمعه بترامب في قمة ألاسكا مؤخراً.

تشرح برّو أن روسيا لا تسعى إلى الخروج من الحرب الأوكرانية بالشروط الغربية، بل وفق ما تراه مصلحة استراتيجية لها، وهو ما ظهر ضمنياً في مخرجات قمة شنغهاي، حيث لمّحت الوثائق الختامية إلى رفض العالم الأحادي القطبية، وتبنّي رؤية متعددة الأقطاب، قوامها الاستقلال السياسي والتكامل الاقتصادي.

أجندة اقتصادية متقدمة ورسالة استراتيجية موجهة للغرب

من الناحية الاقتصادية، تبنّت القمة خطط عمل طموحة للتنمية المستدامة، شملت مجالات الطاقة الخضراء، والاقتصاد الرقمي، والذكاء الاصطناعي، والابتكار العلمي.

كما أُعلن عن تأسيس بنك للتنمية يهدف إلى تمويل مشاريع البنية التحتية وتعزيز التنمية الاجتماعية في الدول الأعضاء.

كل هذه المخرجات، كما تشير برّو، جاءت في تناقض واضح مع السياسات الحمائية الأمريكية، خاصة الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب على حلفاء واشنطن أنفسهم.

إنها رسالة مباشرة بأن منظمة شنغهاي تتحول إلى كيان اقتصادي–استراتيجي جامع، يسعى إلى رسم مسار موازٍ ومتحرر من الإملاءات الغربية.

ثلاثي بكين–موسكو–بيونغ يانغ: تحالف أم شراكة استراتيجية؟

اللقاء الثلاثي الذي جمع الرئيس الصيني شي جين بينغ، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، خلال العرض العسكري في ساحة تيان آن من، لم يكن مجرد استعراض قوة.

برّو ترى في هذا الاجتماع تجسيداً لشراكة استراتيجية موجهة ضد السياسات الأمريكية، لكنها تؤكد أن هذا التحالف لا يسعى إلى “القضاء” على واشنطن، بل إلى تقليص هيمنتها وفرض التعددية كنموذج عالمي بديل.

هذا التقارب، بحسب برّو، ليس وليد اللحظة، بل جاء نتيجة مباشرة للضغوط والعقوبات التي مارستها الولايات المتحدة على هذه الدول، ما أدى إلى تقاربها دفاعاً عن مصالحها السيادية.

وفي الوقت نفسه، ترى واشنطن هذا التنسيق الثلاثي كمصدر تهديد واضح لنظامها العالمي، سواء بقيادة ترامب أو بايدن.

الملف النووي الكوري الشمالي كورقة تفاوض إقليمية

تشير برّو إلى أن كوريا الشمالية لم تعد مجرد دولة “مارقة” بنظر الولايات المتحدة، بل أصبحت جزءاً من معادلة الردع في شرق آسيا.

فوجودها إلى جانب روسيا والصين، وامتلاكها لسلاح نووي، يجعلها لاعباً صعباً في أية مفاوضات قادمة.

كما أن امتلاكها لاتفاقية دفاع مشترك مع موسكو، وعلاقاتها الوثيقة ببكين، يُصعّب على واشنطن فرض عزلة عليها.

وبينما تتزايد التحركات العسكرية الأمريكية في المحيطين الهندي والهادئ — من تدريبات مشتركة مع كوريا الجنوبية واليابان، إلى تسيير دوريات بحرية في بحر الصين الجنوبي — فإن الرسالة المقابلة من القمة واضحة: بيونغ يانغ ليست وحدها، ولا بكين ولا موسكو كذلك.

ليبيا ضمن الأعلى عالمياً في حرق الغاز رغم تراجع إنتاج النفط

اقرأ المزيد