16 مارس 2025

الجدل في تونس حول اتفاقية الهجرة الموقعة مع الاتحاد الأوروبي عام 2023، تصاعد مع إطلاق حملة إلكترونية تحت شعار “الشعب يريد إلغاء الاتفاقية”، تطالب بإلغائها وتحذيرات من تداعياتها على سيادة البلاد.

ويرى القائمون على الحملة أن الاتفاقية جعلت تونس “حارساً” للحدود الأوروبية، حيث أدت إلى تقليص تدفق المهاجرين غير النظاميين بنسبة 80% عام 2024، وفقاً لوزير الداخلية الإيطالي.

وفي ظل هذه الاتهامات، انتشرت شائعات على وسائل التواصل الاجتماعي تزعم أن تونس وافقت على توطين المهاجرين الأفارقة ومنحهم الجنسية التونسية ضمن الاتفاقية، إلا أن الناشط الحقوقي المتخصص في قضايا الهجرة، مجدي الكرباعي، نفى وجود أي بند يلزم تونس بهذا الأمر.

ولكنه في المقابل كشف أن السلطات التونسية قامت بتسليم بيانات شخصية لمواطنيها المهاجرين إلى السلطات الإيطالية، معتبراً ذلك انتهاكاً للقوانين الدولية.

وعلى المستوى الرسمي، شدد الرئيس قيس سعيد في أكثر من مناسبة على أن تونس لن تكون حارسة لحدود أي دولة أخرى، ولن تقبل توطين المهاجرين على أراضيها.

ورغم هذه التصريحات، لا تزال الانتقادات مستمرة، خصوصاً من المعارضة التي ترى أن الاتفاق تم التوقيع عليه في ظروف غير شفافة، ودون الرجوع إلى المؤسسات التشريعية أو إشراك الرأي العام في تفاصيله.

وفي هذا السياق، كتب الناشط والباحث السياسي جمال الدين الهاني عبر حسابه على “فيسبوك”: “قضية الأفارقة نتيجة وليست سبباً، وإذا أراد الناس إيقاف نزيف الهجرة ومشاكلها، فعليهم الاحتجاج ضد اتفاقية الحراسة والتوطين التي أمضتها تونس مع الاتحاد الأوروبي خلسة بعد 25 يوليو، عليهم التظاهر ضد السبب لا ضد النتيجة، وضد الفاعل لا المفعول به”.

وبدورها، دعت النائبة البرلمانية فاطمة المسدي إلى تنظيم “العودة الطوعية” للمهاجرين غير النظاميين، مشيرة إلى أن هناك ثلاثة مراكز إيواء مؤقتة في تونس تحت إشراف المنظمة الدولية للهجرة، تستوعب كل منها 100 مهاجر، وتساعدهم على المغادرة الطوعية خلال 15 يوماً بعد استكمال وثائق السفر.

ولكن المسدي حذرت من أن هذه الآلية غير كافية إطلاقاً أمام العدد الضخم للمهاجرين غير النظاميين في تونس، حيث يقدر عددهم في صفاقس وحدها بنحو 20 ألف شخص، يتركزون في مناطق مثل العامرة وجبنيانة، ما يعني أن برامج العودة الطوعية الحالية قد تستغرق أكثر من 8 سنوات لاستيعاب الموجودين حالياً، دون احتساب التدفقات الجديدة.

وأضافت أن استمرار هذا الوضع سيفرض توطيناً غير مباشر للمهاجرين في تونس، مشيرة إلى أن معدلات النمو الديموغرافي في تجمعات المهاجرين غير النظاميين في صفاقس تتجاوز المعدلات الوطنية والعالمية بثلاثة أضعاف، ما قد يؤدي إلى تغيير في التركيبة السكانية بالمدينة والمناطق المجاورة.

وفي ظل هذه المعطيات، يطرح المراقبون تساؤلات حول مصير اتفاقية الهجرة، وما إذا كانت السلطات التونسية ستعيد النظر فيها تحت ضغط الرأي العام، أم أنها ستواصل تنفيذها رغم الانتقادات والمخاوف المتزايدة.

اقرأ المزيد