إحصاءات كشفت عن اتساع تأثير حصار جماعة “نصرة الإسلام والمسلمين” على اقتصاد مالي، ما فاقم أزمة الوقود غير المسبوقة في باماكو ومدن أخرى، وفق تقرير مجلة “جون أفريك”.
ومنذ نحو شهر، تفرض الجماعة المتشددة حصاراً واسعاً عدّه مراقبون “الأكثر فاعلية” منذ بداية النزاع، حيث أصبحت الطرق الرئيسية التي تربط العاصمة ببقية أنحاء البلاد شبه مشلولة، مما أصاب حركة النقل والخدمات اللوجستية بالشلل وأدى إلى تداعيات واسعة على قطاعات الطاقة والزراعة والتعدين والتعليم.
وقال مدير تطوير إفريقيا في إحدى الشركات اللوجستية السويسرية، تشارلز ثيميلي، إن “انقطاع الوقود في مالي يعني توقف كل شيء”، موضحاً أن البلاد تعتمد كلياً على النقل البري في حركة البضائع والغذاء والغاز والتنقل اليومي، ما يجعل أي خلل في الإمدادات سبباً مباشراً لتجميد الاقتصاد.
وبينما حاولت السلطات التخفيف من الأزمة عبر فرض حد أدنى لسعر الوقود عند 775 فرنكاً إفريقيًا للتر، لم ينجح هذا الإجراء في كبح تفاقم الأزمة أو الحد من الارتفاع الكبير للأسعار في السوق السوداء، حيث تجاوز سعر اللتر 2200 فرنك إفريقي.
كما أصبحت الطوابير الطويلة أمام محطات الوقود مشهداً يومياً في مدن البلاد، فيما توقفت المولدات الكهربائية في بعض المستشفيات نتيجة نقص الإمدادات، وفق ما نقلت المجلة عن خبير الاقتصاد المالي موديبو ماو ماكالو.
وأضاف الخبير أن سيارات الإسعاف وقوات الأمن والدفاع المدني تصطف في طوابير طويلة في انتظار الوقود، بينما ازدهرت تجارة الوقود المهرّب بشكل غير مسبوق، ما أدى إلى تضاعف الأسعار عدة مرات.
وامتدت تداعيات الأزمة إلى خارج الحدود، حيث شهدت مدن غينية قريبة من مالي مثل كانكان وسيغويري نقصاً حاداً في الوقود بعد تحويل كميات كبيرة كانت مخصصة للسوق المحلية إلى مالي، وارتفع سعر صفيحة الوقود (20 لتراً) في تلك المناطق من 240 ألف فرنك غيني إلى مليون فرنك غيني خلال أسابيع قليلة.
ويُحذّر مراقبون من أن استمرار الوضع الحالي قد يدفع الاقتصاد المالي نحو الانهيار الكامل، إذ تستورد البلاد جميع احتياجاتها من الوقود من ساحل العاج بنسبة 59% ومن السنغال بنسبة 39%، بينما تُعدّ الطرق الرابطة بين باماكو وكل من أبيدجان وداكار أهدافاً متكررة لهجمات تستهدف قوافل شاحنات الوقود، رغم الإجراءات الأمنية المشددة.
ويقول الخبير موديبو ماو ماكالو إن مالي “دولة غير ساحلية تعتمد كلياً على جيرانها للوصول إلى البحر، ولا تنتج لتراً واحداً من النفط، ما يجعلها رهينة للوضع الأمني في الطرق والموانئ”.
كما نبه إلى أن تداعيات الحصار طالت القطاع الزراعي أيضاً، إذ أدى عزل مناطق الاستهلاك عن مناطق الإنتاج إلى إضعاف المزارعين وتقليص فرص تسويق محاصيلهم، مما يزيد من مخاطر نقص الغذاء في المناطق الحضرية.
واختتمت “جون أفريك” تقريرها بالإشارة إلى أن أكثر من 80% من التجارة الخارجية و 90% من التجارة الداخلية في مالي تعتمد على النقل البري، ما يجعل استمرار الحصار تهديداً وجودياً للاقتصاد الوطني وحياة الملايين من السكان.
مذبحة جديدة في النيجر.. عشرات القتلى في هجوم لداعش يستهدف المصلين
