الإعلان عن تأسيس حزب الجبهة الوطنية في مصر يثير جدلاً واسعاً حول طبيعة المشهد السياسي ومستقبله في البلاد.
وتدعم الحزب، الذي يترأسه وزير الإسكان السابق عاصم الجزار، شخصيات بارزة ترتبط بمراكز نفوذ اقتصادية وأمنية، مثل شركة “نيوم” العقارية وإبراهيم العرجاني، أمين عام اتحاد القبائل العربية.
وتضم الهيئة التأسيسية للحزب شخصيات من خلفيات متنوعة ظاهرياً، لكن الواقع يكشف عن شبكة مصالح تمتد بين الاقتصاد والسياسة، مما يعزز الشكوك بأن الحزب مجرد واجهة لإعادة تدوير النخب المهيمنة بدلاً من كونه منصة سياسية مستقلة تمثل أطياف المجتمع.
ويشير مراقبون إلى أن الحزب يأتي كبديل لحزب “مستقبل وطن”، الذي فقد شعبيته بسبب ارتباطه برجال الأعمال.
وتبدو الخطوة جزءاً من استراتيجية لتجديد الوجوه السياسية استعداداً للاستحقاقات الانتخابية المقبلة، مع تغييرات واسعة في أدوار الأجهزة الرسمية وتركيزها على الملفات الخارجية، في ظل تراجع النفوذ النسبي لبعض الأجهزة على الإعلام والأحزاب.
ورغم رفع شعارات “التعددية” و”لمّ الشمل”، فإن غياب التمثيل الحقيقي للفئات المجتمعية والتيارات المستقلة داخل الحزب يعكس طبيعته البيروقراطية.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن الشخصيات المؤسسة، مثل الصحافي عماد الدين حسين ووزير الرياضة السابق طاهر أبو زيد، تُظهر اعتماد الحزب على شعبية شخصيات في مجالاتها المهنية بدلاً من بناء هيكل سياسي يعتمد على الكوادر السياسية الفعالة.
وأشار أحمد بهاء الدين شعبان، الأمين العام للحزب الاشتراكي المصري، إلى افتقار الحزب لقيادات ذات خبرة سياسية حقيقية، معتبراً أن وجود شخصيات متهمة بقضايا مالية وأدوار مشبوهة يعمّق الأزمة السياسية بدلاً من تقديم حلول، كما حذر من أن استمرار السياسات الحالية قد يؤدي إلى اختناق اجتماعي وسياسي.
ومن جهته، يرى عمرو هاشم ربيع، المستشار بمركز الأهرام للدراسات السياسية، أن تأسيس الحزب يعكس تحول النظام نحو الاعتماد على شخصيات جديدة مثل إبراهيم العرجاني.
وأضاف أن الحزب يمثل ذراعاً سياسية لهذه الفئات، لكنه يشدد على أن التحركات السياسية الحالية لا تبشر بتغيير جذري في ظل استمرار الممارسات القمعية والقوانين المقيدة للحريات.
وذكر محللون أن تأسيس الجبهة الوطنية، يأتي في إطار استعدادات النظام لإجراء تعديلات دستورية محتملة وتجديد الأدوات السياسية، لكن غياب مشروع سياسي مستقل وشامل يعزز المخاوف من أن تكون الخطوة مجرد وسيلة لترسيخ الهيمنة السياسية للنخب الحاكمة، مع تضييق مستمر على المجال العام.
وفي ظل هذه المعطيات، يبقى التساؤل حول قدرة الحزب الجديد على تقديم حلول سياسية واجتماعية حقيقية، أم أنه سيظل رمزاً لإعادة تدوير النخب واستمرار المشهد السياسي المغلق.
كأس إفريقيا 2025.. مشاركة عربية قوية واستعداد للجولة الأخيرة من التصفيات