15 يناير 2025

في ظل تزايد التوترات بين الجزائر وفرنسا، اتخذت الأزمة بين البلدين بُعداً ثقافياً وتاريخياً جديداً مع الحملة المتجددة التي أطلقها جزائريون مقيمون في فرنسا لإزالة اسم المارشال توماس بيجو، من شارع رئيسي في مدينة ليون.

وكان بيجو الحاكم العسكري الفرنسي في الجزائر خلال القرن الـ19، وعُرف بقمعه العنيف للقبائل الجزائرية خلال فترة الاحتلال الفرنسي، ويُعدّ بالنسبة لكثير من الجزائريين رمزاً للاضطهاد الاستعماري.

ونظّم مئات المحتجين، معظمهم من أصول جزائرية، مظاهرة في الشارع الذي يحمل اسمه للمطالبة بتغييره، معتبرين أن إبقاء اسمه على مكان عام “تمجيد لمجرم حرب” و”إهانة للقيم الإنسانية”.

ودعا المتظاهرون إلى استبدال اسم الشارع باسم “17 أكتوبر 1961” تكريماً لضحايا الجزائريين الذين قُتلوا في مظاهرات بباريس لدعم ثورة التحرير الجزائرية.

وفي هذا السياق، دعم غريغوري دوسيه، عمدة ليون، الفكرة، وأعلن عن نيته إطلاق لجنة خبراء لدراسة المواقع والرموز المثيرة للجدل وتقديم توصيات بشأنها.

وعلى الجانب الآخر، أعلن “الاتحاد الجزائري”، وهو جمعية تضم مهاجرين جزائريين في فرنسا، عن نيته رفع دعوى قضائية ضد عمدة ليون بتهمة “تمجيد جرائم الحرب”، مقترحاً تغيير اسم الشارع إلى “شارع كاميل بلان”، تخليداً لعمدة إيفيان-ليه-بان، الذي اغتالته منظمة الجيش السري الفرنسية عام 1961 بسبب مواقفه المؤيدة لاستقلال الجزائر.

وتأتي هذه الحملة بعد قرار مشابه لعمدة باريس، آن هيدالغو، في أكتوبر الماضي، عندما أزالت اسم بيجو من طريق رئيسي في العاصمة الفرنسية وسمّته باسم هوبرت جيرمان، أحد رموز المقاومة الفرنسية خلال الحرب العالمية الثانية.

ويتزامن هذا الحراك مع تفاقم التوترات السياسية بين الجزائر وباريس، خاصة بعد إعلان فرنسا دعم خطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء، ما دفع الجزائر إلى سحب سفيرها وإلغاء زيارة مقررة للرئيس عبد المجيد تبون إلى فرنسا.

ورغم أن الأزمة بين البلدين أخذت طابعاً “هادئاً”، لكن رافقها حملات داخلية في فرنسا يقودها اليمين المتطرف لإلغاء “اتفاق الهجرة 1968″، الذي يمنح الجزائريين تسهيلات في الإقامة والعمل والدراسة.

وتكشف هذه التطورات عن جدلية العلاقة بين التاريخ والسياسة، حيث يطالب الجزائريون في فرنسا بإعادة النظر في الرموز المرتبطة بالماضي الاستعماري، في خطوة تبرز تأثير الجاليات المغتربة في صياغة النقاش العام حول الذاكرة الوطنية في فرنسا.

تحليل – العقوبات على ليبيا والتقييد السياسي

اقرأ المزيد