أعادت جريمة اغتصاب وقتل طفلة لا تتجاوز ست سنوات في مدينة طنجة إشعال الجدل في المغرب حول موجة الاعتداءات الجنسية التي تورط فيها قاصرون، وسط مخاوف من اتساع هذه الظاهرة وتصاعد المطالب بإصلاحات قانونية أكثر صرامة.
وتحولت القضية، التي تعود أحداثها إلى سبتمبر الماضي، إلى قضية رأي عام بعد أن أدانت محكمة الاستئناف المتهم وحكمت عليه بالسجن 15 عاما، وهو حكم اعتبره كثيرون غير كافٍ بالنظر إلى بشاعة الجريمة.
وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع مؤلمة لوالدة الضحية “هداية” التي رفعت صوتها بالقول: “ابنتي راحت.. والعدالة لم تكتمل”.
ويشير مختصون إلى أن المغرب يشهد تغيرا مقلقا في نمط هذه الجرائم، إذ لم تعد مقتصرة على الجناة الراشدين، بل أصبح القاصرون أنفسهم ينفذون اعتداءات جنسية خطيرة تطاول أطفالا في أعمارهم أو أصغر، ما يطرح علامات استفهام حول أسباب هذا التحول وحدود فعالية المنظومة القانونية الحالية.
وترى الاختصاصية النفسية بشرى المرابطي أن الاعتداء الجنسي على الأطفال يخلف صدمات طويلة الأمد، تتجلى في اضطرابات النوم والخوف المزمن وتراجع الثقة بالنفس والأداء المدرسي.
وينتقد حقوقيون ما يعتبرونه تراخيا في الأحكام الصادرة بحق المتورطين في جرائم اغتصاب القاصرين، حيث أوضح غسان ابن وازي، عضو الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، أن العقوبات الحالية “لا تزال دون مستوى الردع المطلوب”، في ظل ثغرات قانونية واعتبارات اجتماعية تؤدي أحياناً إلى التنازل أو التستر.
ودعا ابن وازي إلى تبني خطة وطنية متكاملة لحماية الطفولة، تشمل الوقاية، وتجريم التستر، وتوفير رعاية كاملة للضحايا، إضافة إلى إنشاء نيابات عامة متخصصة وتدريب القضاة ورجال الأمن على كيفية التعامل مع هذه القضايا الحساسة.
ومن جانبها، شددت المحامية والناشطة الحقوقية نعيمة لعضام على أن الاعتداء الجنسي ضد الأطفال من أخطر الجرائم، معتبرة أن المنظومة التشريعية الحالية غير قادرة على منع الجرائم المركبة التي تجمع بين الاغتصاب والاختطاف وأحيانا الإجهاض السري.
وقالت إن المغرب غالبا ما يلجأ لتحديث قوانينه تحت ضغط صدمة مجتمعية، كما حدث في قضية أمينة الفيلالي، ما يعكس حسب قولها الحاجة لإصلاح جذري يتجاوز الحلول الظرفية.
وتعيد هذه الجريمة تسليط الضوء على ملف حماية القاصرين في المغرب، وعلى ضرورة معالجة الجوانب القانونية والنفسية والاجتماعية لهذه الظاهرة، في وقت يطالب فيه ناشطون بتشديد العقوبات وتوفير منظومة حماية فعالة تضمن العدالة للضحايا وتردع الجناة، مهما كانت أعمارهم.
كمين أمني وشعبي يطيح بسفاح ومغتصب العجائز في المغرب
