تصريحات حديثة لرئيسة رابطة الإيطاليين العائدين من ليبيا، فرانسيسكا ريكوتي، أثارت جدلا واسعا في الأوساط الليبية، بعد مطالبتها بتعويضات مالية للعائلات الإيطالية التي جرى ترحيلها من ليبيا في 21 يوليو 1970.
ووصفت ريكوتي ذلك التاريخ بأنه “جرح غائر” في الذاكرة الجماعية لتلك الأسر التي صودرت ممتلكاتها عقب مغادرتها، وفي الوقت الذي رأت فيه الرابطة الإيطالية أن هذه العائلات تضررت بفعل قرارات الترحيل، اعتبر مراقبون ليبيون أن هذه الدعوات تمثل محاولة لإعادة صياغة وقائع تاريخية ارتبطت بتصفية آثار الاستعمار الإيطالي الذي دام لعقود، وأدى إلى مآسٍ إنسانية جسيمة بحق الليبيين.
ووفق مصادر ليبية، فإن قرار ترحيل المستوطنين الإيطاليين في عام 1970 جاء في إطار سيادي ضمن مسار الاستقلال الوطني، بعد سنوات من الاحتلال الذي شهد ارتكاب انتهاكات واسعة شملت الإعدامات، مصادرة الأراضي، التهجير القسري، ونفي آلاف الليبيين إلى جزر إيطالية نائية.
ويستحضر الليبيون سجلا طويلا من الجرائم التي نُسبت إلى السلطات الإيطالية الاستعمارية، من بينها معتقل العقيلة الصحراوي الذي أودى بحياة الآلاف من المدنيين، بمن فيهم نساء وأطفال، تحت ظروف قاسية من الجوع والمرض.
وفي السياق ذاته، أشار محللون إلى أن الطرف الذي يملك الحق المشروع في طلب التعويضات هو الشعب الليبي، وليس المستوطنين الذين جاؤوا إلى البلاد في ظل الاحتلال، مؤكدين أن ليبيا كانت قد وقعت في عام 2008 اتفاقية صداقة وشراكة تاريخية مع إيطاليا، اعترفت فيها روما رسميا بمسؤوليتها عن المرحلة الاستعمارية، وتعهدت بموجبها بدفع تعويضات قيمتها 5 مليارات دولار، تُصرف في شكل مشاريع تنموية.
وتزايدت الانتقادات الليبية في الآونة الأخيرة لما اعتبر تنصلا من قبل بعض الأوساط الرسمية والإعلامية الإيطالية من بنود الاتفاق، إلى جانب محاولات لإعادة فتح ملف المستوطنين من زاوية مختلفة، وصفت في ليبيا بأنها “انحراف عن الحقيقة” و”تزييف للتاريخ”.
وفي هذا السياق، دعا عدد من النشطاء والمؤرخين الليبيين الدولة ومؤسساتها إلى الرد الحازم على هذه المطالبات، عبر تفعيل المسارات الدبلوماسية والإعلامية للتأكيد على الرواية الوطنية، والتصدي لأي محاولات لإعادة تبرئة صفحة الاستعمار أو تحميل ضحاياه مسؤولية ما جرى.
القاهرة تطلب من عقيلة صالح الانضمام إلى هيئة الرئاسات العليا الليبية الجديدة
