05 ديسمبر 2025

حوادث التحرش التي تتعرض لها النساء من سائقي تطبيقات النقل في الجزائر تثير موجة جدل متصاعد، خصوصاً مع توالي تسجيل حالات مشابهة دفعت جمعيات نسوية وحقوقيين للمطالبة بتقنين هذه الخدمة ووضع حد لانتشار الظاهرة.

وتوالت في الفترة الأخيرة شهادات صادمة من نساء كنّ ضحايا اعتداءات داخل سيارات النقل عبر التطبيقات، على غرار حادثة محاولة قتل الفتاتين إيمان ومنال بالإقامة الجامعية للبنات في القليعة بولاية تيبازة، حين طلبتا خدمة توصيل وتعرضتا لمحاولة قتل في مكان خالٍ، كما شهدت العاصمة حادثة اعتداء جسدي على الطريق السريع، حيث كانت نسيمة تقود سيارتها عندما لمحت شابة بوجه دامٍ وعينين منتفختين تستغيث بعد تعرضها لضرب مبرح من سائق تحطم هاتفها النقال ولاذ بالفرار.

ومن الحوادث التي هزت الرأي العام، ما حدث مع سيليا التي تعرضت للتهديد بالقتل والشتائم بعد استقلالها سيارة أجرة عبر أحد التطبيقات.

وتعليقاً على الظاهرة، أوضحت الناشطة النسوية والحقوقية ضحى عمراني، العضوة في مجموعة “فيمنيسيد الجزائر”، أن التحرش الجنسي ضد النساء لا يقتصر على تطبيقات النقل، بل يمتد إلى كل الفضاءات العامة، في ظل عقلية اجتماعية تبرر هذه الممارسات وتلقي اللوم على الضحية، وقالت في تصريح صحفي: “السبب الرئيسي هو أن المتحرشين على يقين أنهم سيفلتون من العقاب، فغالباً ما يُبرّر المجتمع التحرش ويلوم النساء على جرائم غيرهن”.

وكشفت ضحى عن حادثة أخيرة استهدفت الطالبة “س” بجامعة الجزائر 3، حيث تعرضت لمحاولة اغتصاب واعتداء جسدي عنيف من طرف سائق حافلة نقل طلبة خلال فترة الامتحانات، معتبرة أن خطورة التحرش مع سائقي التطبيقات تكمن في لجوء النساء إليها هرباً من مخاطر النقل العام، ليكتشفن لاحقاً أن هذه المخاطر قد تكون أسوأ، وقد تصل حد القتل.

وعقب نشر قصة الطالبتين إيمان ومنال ضمن مجموعة “لا لقتل النساء الجزائر”، أفادت ضحى بأنها تلقت عشرات الرسائل من نساء يروين تجارب مشابهة.

وحول الإحصائيات، أكدت المتحدثة أنه لا تتوفر أرقام دقيقة أو تقارير رسمية، لكن تتبع وسم #افضحي_المتحرش على وسائل التواصل الاجتماعي يوضح الحجم الكبير لحالات التحرش والاعتداء اليومية، بما في ذلك داخل سيارات التطبيقات.

وقالت عمراني: “نصنف هذه الاعتداءات ضمن العنف القائم على النوع الاجتماعي، هي وقائع متكررة وبصورة مقلقة تؤكد أنها ظاهرة منتشرة وليست أحداثاً معزولة”.

وأعربت عن أسفها لكون الحماية منعدمة في هذا النوع من الخدمات، مشيرة إلى أن هذه التطبيقات غير معتمدة قانونياً في الجزائر، مما يضع الضحايا في موقف هش، وتابعت: “غالباً ما يُطلب من النساء الجلوس في المقعد الأمامي بدعوى أن السائق يعمل بطريقة غير قانونية، وعند توقيف السيارة لا يُسمح لها بالإبلاغ، فتفقد فرصة الحماية والمحاسبة”.

واقترحت عمراني عدة حلول أبرزها: الإسراع في تقنين عمل التطبيقات لضمان إطار قانوني يحمي المستخدمين، إلزام السائقين بدورات تكوينية حول العنف القائم على النوع الاجتماعي وكيفية التعامل مع الراكبات باحترام، وتركيب كاميرات مراقبة داخل السيارات لتوثيق كل ما يحدث.

كما دعت إلى تشجيع النساء على العمل كسائقات في التطبيقات، لتوفير بدائل أكثر أماناً وراحة للنساء.

ومن جانبه، أكد المحامي فريد صابري أن الإطار القانوني الحالي لا يوفّر أي حماية خاصة لراكبات هذه السيارات، وقال: “بعض الولايات منحت تراخيص نشاطها، بينما امتنعت ولايات أخرى، لكن حتى بالترخيص، فإن وضعها القانوني تجاه القضاء غير واضح”.

وأضاف صابري أن ضحايا التحرش غالباً ما يجدن أنفسهن في موقف ضعف، مضيفاً: “شهدت حالات يلوم فيها رجال الأمن النساء على استقلال سيارة تطبيق نقل، ويخبرونها بأنها لا تملك الحق في رفع شكوى”.

واعتبر صابري أن “القضية تُعالج على أنها تحرش عادي من مواطن، دون الأخذ بعين الاعتبار كونه سائقاً مسؤولاً عن سلامة الراكب، مما يجبر الضحية أحياناً على تبرير وجودها معه في السيارة، وهو أمر غير عادل”.

وختم بالقول: “لا بد من تقنين عمل هذه التطبيقات سريعاً حتى يُعامل السائقون مثل سائقي الأجرة التقليديين، ويضمن الزبائن حقوقهم كاملة، سواء تعرّضوا لتحرش أو اعتداء”.

تونس تحتضن النسخة الرابعة من بطولة العالم لفنون الطهي والحلويات

اقرأ المزيد