مجلس الشعب التونسي يشهد نقاشاً محتدماً حول مبادرة تشريعية تقترح العفو العام عن جرائم الشيك دون رصيد، رغم دخول القانون الجديد للشيكات حيز التنفيذ.
وقد أثارت المبادرة، التي تقدم بها عدد من النواب، انقساماً بين مؤيدين يرون فيها فرصة لإنعاش الاقتصاد، ومعارضين يعتبرونها تهديداً لحقوق الدائنين.
وأكد النائب جلال الخدمي، من كتلة صوت الجمهورية، أن الهدف من المبادرة هو حل أزمة آلاف الأشخاص الملاحقين قضائياً بسبب الشيكات غير المغطاة، سواء داخل تونس أو خارجها.
وأوضح أن القانون الجديد، رغم نجاحه في خفض عدد المساجين في قضايا الشيك إلى ستة فقط، لم يعالج أوضاع آلاف الملاحقين بمذكرات تفتيش أو الموجودين خارج البلاد.
وأضاف الخدمي أن آلية التسوية الحالية، التي تتيح دفع 10% من المبلغ وتقسيط الباقي، تواجه عراقيل إدارية في المحاكم، مما يعرقل تنفيذها ويزيد من صعوبة تسوية الأوضاع القانونية للمعنيين.
وفي البداية، كانت المبادرة تشمل العفو عن المبالغ التي تقل عن 5000 دينار، إلا أن التعديلات التي طرأت عليها وسّعت نطاقها لتشمل جميع المبالغ، وهو ما أثار انتقادات داخل البرلمان وخارجه.
ويرى المعترضون أن العفو المطلق قد يضر بحقوق الدائنين الذين قدموا أموالهم مقابل شيكات لم يتم صرفها، خاصة في الحالات التي تتجاوز فيها الديون مئات الآلاف من الدنانير.
كما شدد بعض النواب على أن الحل لا يكمن في إسقاط المسؤولية الجزائية، بل في تسريع إجراءات التقاضي وتحسين آليات تنفيذ التسويات لضمان حقوق جميع الأطراف.
وفي المقابل، يرى المؤيدون أن تحويل القضايا إلى نزاعات مدنية بدلاً من جزائية سيسمح للمدينين بالعودة إلى الدورة الاقتصادية، مما يسهم في تنشيط السوق المحلي.
وأكدوا أن معظم الملاحقين هم من أصحاب المؤسسات الصغرى والمتوسطة، وأن استمرار التضييق عليهم قد يؤدي إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية بدلاً من حلها.
ورغم الانقسام داخل البرلمان، أكد الخدمي أن المبادرة تحظى بدعم أغلبية النواب، مما يجعل فرص تمريرها مرتفعة خلال الجلسات القادمة، ومع ذلك، يبقى التساؤل قائماً حول مدى تأثير هذا القرار على الاستقرار المالي والاجتماعي في تونس، خاصة في ظل مطالب الدائنين باسترداد مستحقاتهم.