09 يناير 2025

قطاع النقل في المغرب يعيش توتراً متزايداً بين سائقي سيارات الأجرة التقليدية ونظرائهم العاملين عبر التطبيقات الذكية، ما أدى إلى وقوع صدامات ومواجهات حادة في الشوارع.

ويُثير هذا الصراع المستمر تساؤلات حول ضرورة تقنين النقل عبر التطبيقات وإصلاح نظام المأذونيات المرهق.

وشهدت شوارع الرباط والدار البيضاء مؤخراً حوادث تصادم ومطاردات بين سائقي سيارات الأجرة وسائقي النقل عبر التطبيقات، كان آخرها حادثة مطاردة في الرباط انتهت باصطدام مركبات واعتقال خمسة أشخاص، بينهم أربعة سائقي سيارات أجرة وسائق تطبيقات.

وهذه الحوادث ليست جديدة، إذ بدأ الصراع منذ دخول شركة “أوبر” إلى المغرب عام 2015، قبل أن تنسحب تحت ضغط النقابات، ومنذ ذلك الحين، ظهرت شركات أخرى مثل “كريم” و”إندرايف”، لكنها تواجه باستمرار اتهامات بمزاولة نشاط “غير قانوني”.

وتعتبر النقابات، مثل النقابة الوطنية لسائقي سيارات الأجرة، أن النقل عبر التطبيقات الذكية مخالف للقانون، مستشهدة بتصريحات وزير الداخلية عبد الواحد لفتيت، الذي أكد الصيف الماضي أن هذه الخدمات “غير مشروعة”.

ويرى محمد الحراق، الكاتب العام للنقابة، أن السماح لهذه التطبيقات بالعمل سيؤدي إلى انقراض سيارات الأجرة التقليدية، حيث تتمتع التطبيقات بتكاليف تشغيل أقل وهوامش ربح أعلى، ما يهدد مصدر رزق آلاف السائقين.

وفي المقابل، يرى مؤيدو النقل بالتطبيقات، مثل سمير فارابي الأمين العام للنقابة الديمقراطية للنقل، أن هذه الوسائل الحديثة ساعدت في حل مشاكل النقل بالمغرب، وفكت العزلة عن عدد من المناطق، كما ساهمت في خفض البطالة من خلال توفير آلاف فرص العمل.

ويشكل نظام المأذونيات تحدياً كبيراً لسائقي سيارات الأجرة، إذ يُلزمهم بدفع جزء كبير من أرباحهم لمالكي الرخص والمستغلين، ما يترك السائقين في ظروف اقتصادية صعبة.

ويعتبر العديد من السائقين التقليديين أن التطبيقات الذكية تهدد مصالحهم، خاصة مع غياب رقابة مماثلة على العاملين في هذا المجال.

ووضعت النقابة الديمقراطية للنقل مسودة قانون لتنظيم النقل عبر التطبيقات لدى وزارة النقل، دون أن تتلقى رداً رسمياً.

ويطالب فارابي بتقنين هذا النوع من النقل، مؤكداً أنه سيخلق بيئة تنافسية شريفة، ويقدم خدمات حديثة وآمنة للمواطنين، خاصة مع استعداد المغرب لاستضافة تظاهرات رياضية عالمية مثل كأس إفريقيا وكأس العالم.

وعلى الجانب الآخر، يرى الحراق أن تقنين هذه التطبيقات سيؤدي إلى فوضى في القطاع، داعياً وزارة الداخلية إلى زيادة عدد رخص سيارات الأجرة بدلاً من السماح بنقل الركاب عبر التطبيقات.

ومن جهته، قال بوعزة الخراطي، رئيس الجامعة الوطنية لحماية المستهلك، إن الزبون يبحث عن خدمات نقل ذات جودة وبتكلفة مناسبة، وهو ما توفره التطبيقات الذكية بشكل أفضل مقارنة بسيارات الأجرة التقليدية.

وبينما يستمر الجدل حول قانونية النقل عبر التطبيقات الذكية، تبقى الحاجة ماسة إلى إصلاح شامل لقطاع النقل في المغرب، ويتطلب ذلك تقنين عمل التطبيقات، مراجعة نظام المأذونيات، وإطلاق حوار وطني يوازن بين حقوق السائقين التقليديين واحتياجات المستهلكين، لضمان خدمات نقل حديثة وآمنة ومستدامة.

تجار الذهب في المغرب يشتكون من “الركود”

اقرأ المزيد