تواجه الصادرات التونسية تحديات جديدة بداية العام القادم مع دخول قواعد الاتحاد الأوروبي الخاصة بالبصمة الكربونية حيز التنفيذ، ما قد يعرقل تدفق السلع التونسية نحو السوق الأوروبية.
ويُلزم الإجراء الجديد المصدرين التونسيين بالإفصاح بدقة عن انبعاثات الكربون المرتبطة بمنتجاتهم، في خطوة تهدف إلى حماية الصناعات الأوروبية من المنافسة غير العادلة وتشجيع التحول نحو إنتاج منخفض الانبعاثات.
وتتطلب آلية تعديل حدود الكربون التابعة للاتحاد الأوروبي (CBAM)، والتي أُطلقت رسمياً في أكتوبر 2023، من المستوردين الإبلاغ عن الانبعاثات المباشرة وغير المباشرة للغازات الدفيئة في السلع المستوردة.
كما سيُفرض ابتداءً من يناير القادم رسوم جمركية على الواردات من الدول التي لا تسعر الكربون وفق أسعار السوق الأوروبية، مما قد يؤثر بشكل كبير على المنتجين كثيفي الاستهلاك للكربون.
ولمواكبة هذا التحوّل، وضع الاتحاد الأوروبي برامج موجهة لشركائه، بينها تونس، تشمل التمويل للاقتصاد الأخضر، وتوفير خطوط تمويل للاستثمارات الطاقية النظيفة، إضافة إلى برنامج التجارة والتنافسية لدعم المؤسسات عبر منح وآليات لتسهيل النفاذ إلى التمويل، فضلاً عن التكوين والمرافقة التقنية.
لكن خبراء البيئة يؤكدون أن الصناعة التونسية بحاجة إلى وقت أطول للالتزام بالشروط الجديدة، ما قد يعرقل صادراتها نحو أهم سوق تصديرية خلال الأشهر القادمة.
وأشار الخبير البيئي مهدي العبدلي إلى أن القطاعات الكهربائية والميكانيكية والغذائية ستكون الأكثر تأثراً بالمتطلبات الأوروبية، واعتبر أن فرض ضرائب الكربون على الدول الأقل تلوثاً يمثل محاولة لتصدير القوانين الأوروبية خارج حدودها، وأضاف أن على الاتحاد الأوروبي توفير تمويلات لدعم الشركات التونسية في الانتقال نحو إنتاج صديق للبيئة دون التأثير على قدرتها التنافسية.
ومن المتوقع أن يؤدي نظام تسعير الكربون الجديد إلى إقصاء المؤسسات الصغيرة والمتوسطة من السوق الأوروبية إذا لم تتمكن من التكيف مع المعايير البيئية، في ظل قيود مالية قد تحد من قدرتها على الاستثمار في تقنيات منخفضة الانبعاثات.
اعتباراً من عام 2026، سيكون على الشركات الراغبة في الحفاظ على نفاذ منتجاتها إلى السوق الأوروبية قياس وتحديث بيانات انبعاثاتها الكربونية بدقة، واعتماد أدوات رقمية للمتابعة، وتخفيض بصمتها الكربونية عبر تحسين الكفاءة الطاقية واستخدام الطاقات المتجددة، فضلاً عن تنظيم الإجراءات الإدارية للحصول على صفة “المصرح” أو التعامل مع ممثل داخل الاتحاد الأوروبي.
ويشكل السوق الأوروبية الفضاء الرئيسي للصادرات التونسية بنسبة تصل إلى 70% من إجمالي صادرات البلاد، حيث بدأت تونس أول اتفاق تجاري مع المجموعة الاقتصادية الأوروبية عام 1969، وتبعه اتفاق تعاون عام 1976.
وبلغت قيمة الصادرات التونسية نحو الاتحاد الأوروبي خلال الأشهر التسعة الأولى من 2025 نحو 32.6 مليار دينار ( 11.2 مليار دولار)، مقارنة بـ 32.2 مليار دينار ( 11.1 مليار دولار) في نفس الفترة من 2024.
وتتمتع الصادرات التونسية إلى الاتحاد الأوروبي بامتيازات جمركية عبر اتفاقية الشراكة الموقعة منذ 1998، والتي أوجدت منطقة تبادل حر وألغت الرسوم الجمركية على المنتجات الصناعية.
وتحتل تونس المرتبة الرابعة والثلاثين كخيار تجاري للاتحاد الأوروبي، بما يمثل 0.5% من إجمالي التجارة الأوروبية مع العالم في 2022، وفق مركز المتوسط للدراسات الاستراتيجية.
وأظهر تقرير للبنك الأوروبي للاستثمار أن أكثر من 80% من المؤسسات التونسية بدأت تنفيذ خطط عملية لتقليل البصمة الكربونية، ما يعكس توجهاً واضحاً نحو مواكبة التحولات العالمية في الطاقة النظيفة والاقتصاد الأخضر، ويعزز قدرة الشركات على الانخراط في سلاسل توريد عالمية تعتمد معايير الكربون.
كما يعمل البنك على توسيع برامجه التدريبية الموجهة للمؤسسات الصغرى والمتوسطة لتطوير قدراتها في مجال تقنيات وخطط خفض الانبعاثات.
تحقيقات صحية في تونس وليبيا حول منتجات شوكولاتة مجهولة المصدر
