استنكر محامو أسرة التونسي صابر شوشان، الذي حُكم بالإعدام بسبب منشورات انتقدت الرئيس قيس سعيد، مؤكدين أن الحكم يهدد حرية التعبير، وبدوره شوشان، أب لثلاثة أطفال، نُفِذَ بحقه حكم غير مسبوق في تونس مما يؤدي إلى تصاعد القلق حول استخدام المرسوم 54 لتقييد الحريات.
أعرب محامي المواطن التونسي صابر شوشان وأفراد عائلته عن رفضهم واستنكارهم الشديدين للحكم الصادر بإعدامه، والذي جاء على خلفية منشورات نشرها على موقع فيسبوك انتقد فيها الرئيس قيس سعيد.
وقد أثار هذا الحكم حالة واسعة من القلق والاستياء في الأوساط القانونية والحقوقية التونسية، وسط تحذيرات من خطورة توظيف القضاء لقمع حرية التعبير، في خطوة اعتبرها محامون سابقة لم تشهدها البلاد حتى في أكثر فتراتها الديكتاتورية قسوة.
وقضت إحدى المحاكم التونسية بإعدام المواطن صابر شوشان البالغ من العمر 51 عاماً، وهو أب لثلاثة أطفال ويعيش في ظروف اجتماعية صعبة، وذلك بتهم تتعلق بـ “إهانة رئيس الجمهورية قيس سعيد، ونشر أخبار زائفة، والاعتداء المقصود به تغيير هيئة الدولة”.
وقد نفت هيئة الدفاع عنه هذه التهم بشدة، مؤكدة أنه لا يوجد في القضية ما يبرر فرق أقصى عقوبة جزائية.
ومن جانبه، قال المحامي أسامة بوثلجة، المكلف بالدفاع عن شوشان: “موكلي وُجهت له 3 تهم، أخطرها هي الاعتداء المقصود به تبديل هيئة الدولة، وهي جريمة عقوبتها الإعدام. كما وُجهت له تهمة نشر أخبار زائفة استناداً إلى المرسوم 54، وتهمة ارتكاب أمر موحش ضد رئيس الدولة حسب الفصل 67 من المجلة الجزائية”.
بدوره، أعرب جمال شوشان -شقيق المتهم- عن صدمته العميقة من الحكم، قائلاً: “حكم بالإعدام من أجل تدوينة؟! هذا أمر غير معقول. أخي ليس له أي انتماء سياسي، ليس ناشطاً ولا صحفياً. مجرد إنسان بسيط يعيش في قرية نائية، وكتب بعض التدوينات على فيسبوك”.
وأضاف الشقيق: “لا يوجد أي دليل مادي ضده، لا تحريض ولا عنف، فقط تدوينات. أخي أب لثلاثة أطفال، أحدهم مريض، وزوجته بحاجة إلى عملية قلب. إنه إنسان بسيط، مستواه التعليمي توقف عند السنة الأولى الثانوية، ويشتغل يوماً بيوم. لقد انهار نفسياً فور سماعه بالحكم”.
وتأتي هذه القضية في ظل تصاعد الجدل الدائر في تونس حول المرسوم رقم 54، الذي تم إقراره رسمياً لمحاربة الجرائم الإلكترونية، لكنه يتعرض لانتقادات بسبب اتهامات باستخدامه لتقييد حرية التعبير.
ويرى مراقبون أن الحكم الصادر يمثل إنذاراً بتوجه خطير نحو تجريم التعبير عن الرأي، حتى في الحالات التي لا يشكل فيها هذا التعبير أي تهديد فعلي للأمن أو النظام العام.
ورغم مباشرة إجراءات الاستئناف الفورية، يبقى مصير المواطن التونسي صابر شوشان معلقاً بقرار قضائي قد يغير وجه العدالة في البلاد، ويعيد طرح الأسئلة الجوهرية بشأن مستقبل الحريات في تونس.
وتنتقد منظمات حقوقية محلية ودولية أوضاع الحريات في تونس، وذلك منذ الإجراءات الاستثنائية التي اتخذها الرئيس قيس سعيد في يوليو 2021، والتي قام بمقتضاها بحل البرلمان وإقالة رئيس الحكومة هشام المشيشي، وهو ما عدّه المعارضون “انقلاباً” على الديمقراطية في تونس، التي شهدت انطلاق ثورات الربيع العربي عام 2010.
وأضاف المحامي بوثلجة موضحاً: “المحكمة اعتبرت التهم ثابتة وطبقت الفصل 55، فسلّطت العقوبة المتعلقة بالتهمة الأشد، وهي الإعدام”.
كما أكد بوثلجة أن الحكم بالإعدام على شوشان تضمن “تجاوزات إجرائية خطيرة، من بينها تجاوز الآجال القانونية للإيقاف التحفظي، وحرماننا من آجال كافية لإعداد الدفاع خلال مرحلة التحقيق ودائرة الاتهام”.
وتابع قائلاً: “حتى إن وُجدت بعض التجاوزات في منشوراته، فهي لا تشكل خطراً على الدولة أو المجتمع. المتهم شخص بسيط، وغير معروف، ولا تأثير له، وليس إعلامياً أو سياسياً. فهل يُعقل أن يُعدم بسبب منشورات لا تأثير لها؟”.
وفي تقييمه لطبيعة العقوبة، قال المحامي: “بحسب تجربتي، لم أسمع يوماً عن حكم بالإعدام بسبب تدوينة أو خطاب. في الماضي كانت التعبيرات السياسية تتم عبر المقالات أو الخطب، لكن حتى في تلك الحالات لم تصدر أحكام بالإعدام. ما وقع اليوم هو سابقة خطيرة تهدد حرية التعبير في تونس”.
وأوضح أن الفريق القانوني قدّم استئنافاً للحكم فور الاطلاع عليه، وأن القضية ستُعرض على محكمة الاستئناف قريباً.
كما أشار بوثلجة إلى أن الفرع الجهوي للمحامين في نابل يتابع القضية، إضافة إلى الرابطة التونسية لحقوق الإنسان، قائلاً: “الحكم تهديد مباشر لحرية التعبير. نعم، حرية التعبير ليست مطلقة، لكن حتى حال حدوث تجاوزات، فإن العقوبات تكون متناسبة، كالغرامات أو أحكام بالسجن في حالات الضرر الجسيم، وليس الإعدام”.
تونس.. دكاترة عاطلون يفترشون الأرض أمام وزارة التعليم العالي
