06 ديسمبر 2025

في الوقت الذي تسجل فيه معظم دول إفريقيا معدلات خصوبة مرتفعة تتجاوز خمسة مواليد للمرأة الواحدة، تتجه تونس نحو مسار ديموغرافي مغاير يجعلها أقرب في خصائصها السكانية إلى أوروبا مقارنة بجوارها القاري.

وتشير أحدث البيانات إلى أن معدل الخصوبة في تونس بلغ 2.3 طفل لكل امرأة، وهو من أدنى المعدلات في إفريقيا، ويقترب من المستويات السائدة في الدول الأوروبية المتقدمة.

الانخفاض المتواصل في الخصوبة ليس ظاهرة طارئة في تونس، بل هو نتيجة تراكم سياسات تنموية واجتماعية وصحية بدأت منذ ستينات القرن الماضي، من بينها: برامج تنظيم الأسرة المبكرة والمستدامة؛ توسع تعليم الفتيات وتحسن فرص الالتحاق بالمدارس؛ ارتفاع مشاركة المرأة في سوق العمل؛ التحول نحو نموذج الأسرة الصغيرة وتراجع نمط العائلة الموسعة.

وهذه الخيارات المجتمعية والسياسات العمومية دفعت تونس إلى ملامسة مرحلة “الانتقال الديموغرافي” التي تتميز ببطء النمو السكاني واستقرار بنية المجتمع.

تظهر البيانات المقارنة وجود فروق حادة بين دول إفريقيا في مستويات الخصوبة ونمط التحول السكاني: غرب ووسط إفريقيا تسجل أعلى المعدلات: النيجر (5.9) ، تشاد (5.9) ، الكونغو الديمقراطية (5.9) ، مالي (5.8) ، وموريتانيا (5.4) ، في شمال إفريقيا تتراجع الخصوبة بشكل ملحوظ، إذ تقترب الأرقام من 2.3 إلى 2.7 طفل: تونس (2.3) ، الجزائر (2.7) ، ليبيا (2.7) ، مصر (2.7).

ويشهد الجنوب الإفريقي بدوره مستويات منخفضة نسبيا: جنوب إفريقيا (2.2) ، بوتسوانا (2.7) ، ناميبيا (2.7).

ويؤدي تراجع الخصوبة في تونس، بالتزامن مع ارتفاع متوسط العمر المتوقع، إلى تسارع الشيخوخة السكانية، ما يفرض تحديات جديدة على المنظومات الاجتماعية: تنامي الضغط على نظام التقاعد والضمان الاجتماعي؛ تقلص حجم القوى العاملة مستقبلاً؛ الحاجة إلى إعادة النظر في سياسات سوق الشغل والهجرة؛ ضرورة رفع الإنتاجية لتعويض تراجع عدد السكان في سن العمل.

وتنحدر غالبية الدول الأوروبية إلى مستوى يقل عن 1.9 طفل لكل امرأة، وهي عتبة تعتبر دون مستوى الإحلال السكاني، بينما تبقى تونس أعلى نسبيا، لكنها تسير في الاتجاه نفسه، ما يجعلها أكثر قربا من النموذج الأوروبي من حيث ديناميات السكان مقارنة ببقية دول القارة.

وزير الخارجية التونسي يشدد على التعاون الثلاثي مع الجزائر وليبيا

اقرأ المزيد