النائب عبد الستار الزرّاعي أثار جدلاً في تونس بعد اقتراحه رسمياً تحت قبة البرلمان رفع الحظر عن تعدد الزوجات، لأول مرة منذ صدور مجلة الأحوال الشخصية عام 1956، أحد أهم مكتسبات الدولة التونسية.
وأشار الزرّاعي، المنتمي إلى كتلة “الأمانة والعمل”، إلى أن رفع الحظر قد يكون حلاً للعديد من مشاكل المجتمع، مؤكداً أن القوانين الحالية “تقيّد الرجل” وأنه يتحدث “باسم جزء كبير من التونسيين الذين ينتظرون فتح هذا النقاش بجرأة”، وأضاف أن الطرح ليس من منظور ديني، بل اجتماعي، بهدف معالجة مشكلات مثل النفقة وارتفاع حالات الطلاق.
وردت وزيرة المرأة أسماء الجابري بسرعة، مؤكدة أن النقاش حول تعدد الزوجات يمثل “خطاً أحمر” ولا يمكن التراجع عن المكتسبات التشريعية للمرأة التونسية.
وكذلك أعربت رئيسة اتحاد المرأة راضية الجربي عن استهجانها للتصريحات واعتبرتها “مخجلة من حيث المضمون والتوقيت”، مؤكدة أن الموضوع حُسم منذ عقود.
ويأتي هذا الجدل بعد محاولات متكررة منذ عام 2011 لفتح النقاش حول التعدد، خاصة بعد وصول الإسلاميين للحكم، لكن هذه الدعوات لم تصل إلى المستوى الرسمي بسبب رفض المجتمع والحقوقيين، باعتباره قضية “خط أحمر”.
وأكدت النائبة فاطمة المسدي أن كل الدساتير التونسية، بما فيها دستور ما بعد 2011، حافظت على مدنية الدولة، وأن مجلة الأحوال الشخصية جزء من هوية تونس وليست مجرد نص قانوني، معتبرة دعوة الزرّاعي “خرقاً للدستور” وموضوعاً بعيداً عن أولويات الشعب التونسي.
ومن جانبه، وصف منير الشرفي، رئيس مرصد الدفاع عن مدنية الدولة، هذه الدعوة بأنها “غريبة عن المكان والزمان”، محذراً من محاولة العودة إلى ما قبل مجلة الأحوال الشخصية، ومشدداً على أن القانون الحالي يشكل “مكسباً حضارياً لا يمكن التراجع عنه”.
ويبدو أن النقاش حول إحياء تعدد الزوجات في تونس، بعيداً عن الواقع الاجتماعي الحالي، يهدف إلى خلق جدل سياسي وإعلامي أكثر من كونه استجابة لمطالب حقيقية للمواطنين، ويثير مخاوف من الانقسام الاجتماعي حول قضايا تم حسمها منذ نحو سبعين عاماً.
سابع ضحية تونسي في سجون إيطاليا خلال 2025.. وصمت رسمي يثير الاستنكار
