05 ديسمبر 2025

في مفارقة لافتة رغم درجات الحرارة المرتفعة التي تشهدها البلاد، سجلت تونس خلال صيف 2025 تراجعا غير مسبوق في عدد حرائق الغابات والمساحات المتضررة، في مؤشر على نجاح الجهود الوقائية والميدانية المعتمدة مؤخرا.

ووفق أحدث بيانات الإدارة العامة للغابات، انخفض عدد الحرائق بنسبة تجاوزت 60% مقارنة بالفترة ذاتها من عام 2023، بينما تراجعت المساحات المحروقة بأكثر من 70%، لتصل حتى منتصف يوليو إلى 550 هكتارا فقط، منها 297 هكتارا من الغابات والمناطق شبه الغابية.

وأوضح مدير إدارة المحافظة على الغابات، الصحبي بن ضياف، أن الوضع الحالي يصنف على أنه “تحت السيطرة، مؤكدا أن فرق الإطفاء نفّذت أكثر من 410 عمليات تدخل حتى الآن.

وأضاف أن عمليات الرصد الميداني متواصلة على مدار الساعة، بدعم من برامج التوعية المجتمعية، خاصة في المناطق القريبة من الغابات.

وأكد بن ضياف، أن التراجع المسجل في معدلات الحرائق يعود جزئيا إلى تعاون السكان المحليين وتكثيف حملات التوعية، إضافة إلى تحسين التنسيق بين مختلف وحدات التدخل.

واعتبر الخبير البيئي عادل بن سليمان أن تراجع الحرائق هذا العام هو ثمرة لتصاعد الحملات التحسيسية والتشديد في الرقابة على المناطق الغابية والمزروعة.

كما لفت إلى أن التشريعات التونسية تفرض عقوبات صارمة على إشعال الحرائق، تتراوح بين الغرامات والسجن، وقد تصل إلى عامين في حال تسبّب الحريق في أضرار بالغابات.

وأشار بن سليمان إلى أهمية التنوع النباتي داخل الغابات التونسية، التي تضم أنواعًا مثل الصنوبر الحلبي والعرعار والفرنان والذرو، إلى جانب غابات مخصّصة لحماية التربة من الانجراف، مؤكدًا ضرورة تعزيز قدرات أجهزة الحماية وتحديث وسائل المراقبة، بما في ذلك استخدام الأقمار الصناعية لرصد أي حريق في مراحله الأولى.

ووفقا لإحصائيات المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، تغطي الغابات قرابة 34% من مساحة البلاد، وتتركز في الشمال الغربي والوسط الغربي، وهي موطن لحوالي مليون تونسي. وتقدّر القيمة الاقتصادية لهذه المناطق الغابية بنحو 932 مليون دينار تونسي (ما يعادل 310 ملايين دولار أميركي).

وفي سياق متصل، تعمل السلطات التونسية على رفع نسبة التغطية الغابية من 8.5% إلى ما بين 12% و16% من إجمالي مساحة البلاد، وذلك ضمن رؤية بيئية طويلة الأمد تتجسد في “الاستراتيجية الوطنية للغابات 2050″، التي تهدف إلى تحقيق استغلال مستدام للموارد الغابية وتعزيز منظومة الوقاية.

ولا يزال صيف 2022 حاضرا في ذاكرة التونسيين، حين تحولت منطقة “بو قرنين” قرب العاصمة إلى بؤرة مشتعلة التهمت ألسنة اللهب فيها أكثر من 500 هكتار من غابات الصنوبر. واستدعى الحريق، الذي اعتبر من بين الأسوأ في تاريخ البلاد الحديث، تدخلًا مكثفًا استمر لثلاثة أيام متتالية قبل أن تتم السيطرة عليه.

تونس.. منع فلسطينيين بجوازات أردنية من دخول البلاد

اقرأ المزيد