واصلت تونس تعزيز مكانتها الصناعية على الساحة الإفريقية، بعدما كرست موقعها كثاني أكبر منتج لمكونات السيارات في القارة بعد المغرب، مستندة إلى قاعدة صناعية متطورة وقدرة متنامية على تلبية متطلبات كبرى شركات تصنيع السيارات الأوروبية، التي تمثل الوجهة الرئيسية لصادرات القطاع.
وتظهر معطيات صادرة عن وزارة الصناعة التونسية أن منظومة صناعة مكونات السيارات تضم قرابة 300 مؤسسة صناعية، تشغل نحو 120 ألف عامل، وتتوزع أساسا في ولايات بن عروس وسوسة ونابل وبنزرت شمال البلاد، ما يعكس اتساع الرقعة الجغرافية للنشاط الصناعي المرتبط بالقطاع.
ويقدر حجم الإنتاج السنوي لمكونات السيارات بنحو 10 مليارات دينار تونسي، فيما تتجاوز قيمة الصادرات 9 مليارات دينار، تتجه غالبيتها إلى الأسواق الأوروبية.
وبفضل هذه الأرقام، بات القطاع يساهم بنحو 4% من الناتج المحلي الإجمالي، ما يجعله أحد الأعمدة الرئيسية للاقتصاد الوطني ومصدرا مهما للعملة الصعبة.
وفي أفق السنوات المقبلة، يضع الفاعلون في القطاع أهدافا طموحة، تشمل رفع الصادرات إلى أكثر من 13 مليار دينار بحلول عام 2027، وخلق ما يقارب 30 ألف فرصة عمل إضافية، إلى جانب استقطاب استثمارات جديدة في مجالات السيارات الكهربائية والهجينة، بما يواكب التحولات العالمية في صناعة النقل.
ويعزى تطور القطاع إلى دخول شركات دولية كبرى منذ تسعينيات القرن الماضي، ما أسهم في نقل التكنولوجيا وصقل الكفاءات المحلية، ورفع جودة المكونات المصنعة في تونس إلى مستويات تنافسية دوليا.
وتعتمد الصناعة التونسية في هذا المجال على قاعدة بشرية مؤهلة، إذ يتخرج سنويا نحو 30 ألف مهندس في تخصصات دقيقة تشمل الهندسة الميكانيكية والإلكترونية والتكنولوجيات الحديثة، وهو ما يمنح القطاع قدرة مستدامة على التطور ومجاراة الابتكار.
وعلى مستوى الأسواق، تتصدر ألمانيا قائمة مستوردي مكونات السيارات التونسية بنسبة تقارب 37%، تليها فرنسا ثم رومانيا وإيطاليا وبولونيا، إلى جانب أسواق أوروبية أخرى. وتشمل الصادرات طيفا واسعا من المنتجات، من الأسلاك والشبكات الكهربائية والمكونات الإلكترونية، إلى المقاعد والأجزاء البلاستيكية ولوحات القيادة والقطع الميكانيكية، مع تركيز متزايد على الحلول المرتبطة بالسيارات الكهربائية والهجينة.
ويؤكد مسؤولون في القطاع أن صناعة مكونات السيارات باتت محركا حيويا للاقتصاد التونسي، نظرا لقدرتها على الجمع بين الاستثمار والتشغيل والتصدير، مستفيدة من الموقع الجغرافي القريب من أوروبا، وتطور البنية التحتية الصناعية، ومرونة الإطار التشريعي، والحوافز الاستثمارية، وهي عوامل مجتمعة عززت تنافسية تونس ورسّخت موقعها كلاعب رئيسي في هذا المجال على المستوى الإفريقي والدولي.
ليبيا تشارك في اجتماعات اللجنة الدائمة للثقافة العربية في تونس
