تونس تترقب تسوية ديون القطاع الصحي الخاص مع ليبيا بعد 13 عاماً، حيث تتجاوز الديون 112 مليون دولار لـ60 مصحة تونسية، ويشكل المرضى الليبيون 70% من المرضى الأجانب، والديون المتراكمة تهدد استقرار القطاع الصحي التونسي.
كشفت صحيفة “اندبندنت عربية” في تقرير أن القطاع الصحي الخاص في تونس ينتظر بفارغ الصبر تسوية ملف الديون العالقة مع الجانب الليبي، والتي تجاوزت 13 عاماً.
هذه الديون تعود إلى فترات تدفق المرضى والجرحى الليبيين إلى المصحات التونسية إثر الأحداث الأمنية التي أعقبت سقوط نظام القذافي، بالإضافة إلى أعداد كبيرة من المرضى الليبيين الذين تلقوا العلاج في تونس خلال السنوات الماضية.
وأشار التقرير إلى أن المصحات التونسية لم تتمكن من استخلاص مستحقاتها المالية رغم الوعود المتكررة من الجانب الليبي.
وكان آخر هذه الوعود خلال لقاء جمع وفداً ليبياً برئاسة أحمد مليطان، رئيس جهاز دعم وتطوير الخدمات العلاجية، بوزير الصحة التونسي مصطفى الفرجاني، حيث أكد الوفد الليبي التزامه بتسوية الملفات العالقة.
ومن جانبها، أفادت بشيرة رحيم، المديرة العامة لتصدير الخدمات الصحية ودعم الاستثمار بوزارة الصحة التونسية، بأن المسؤولين الليبيين أبدوا استعدادهم لحلحلة الإشكاليات العالقة، مع الاتفاق على تشكيل فريق عمل مشترك بين وزارتي الصحة التونسية والليبية للنظر في هذه القضية خلال الأيام القليلة المقبلة.
وكشف بوبكر زخامة، رئيس الغرفة النقابية الوطنية للمصحات الخاصة في تونس، أن الديون الليبية تجاه المصحات التونسية تتجاوز 112 مليون دولار، وهي ديون تراكمية غير مدفوعة لصالح 60 مصحة تونسية خاصة تستقبل المرضى الليبيين.
وأوضح زخامة أن هذه الديون تشكل عبئاً مالياً كبيراً على القطاع الصحي التونسي، خاصة مع فشل الحكومات الليبية المتعاقبة في الوفاء بوعودها بتسوية الملف منذ عام 2011.
وأضاف أن المرضى الليبيين يشكلون نحو 70% من المرضى الأجانب الذين يتلقون العلاج في تونس، حيث يؤمن القطاع الصحي التونسي لهم نحو 1.5 مليون عيادة طبية سنوياً.
ومع ذلك، فإن عدم تسوية هذه الديون أثر سلباً على التدفق النقدي للمصحات الخاصة، مما يعرض قدرتها على تقديم خدمات عالية الجودة للخطر.
من جهته، وصف الصحبي بن عياد، صاحب إحدى المصحات الخاصة، ملف مستحقات المصحات التونسية لدى المرضى الليبيين بأنه “معقد”، مشيراً إلى أن المؤسسات الصحية التونسية اضطرت للتعامل مع لجان متنوعة ممثلة للمرضى الليبيين في ظل غياب حكومة ليبية موحدة قبل عام 2017.
وأوضح أن التعامل مع الملف شهد تحسناً نسبياً منذ عام 2017 مع استقرار الأوضاع في ليبيا، لكن بعض الديون لا تزال عالقة، خاصة تلك المتعلقة بالشركات الوسيطة بين السفارة الليبية والمصحات التونسية.
وأشار بن عياد إلى أن الديون تجاوزت حاجز 400 مليون دينار تونسي (ما يعادل 131.2 مليون دولار) بحسب سعر الصرف القديم، الذي كان يقارب 1.6 دينار تونسي مقابل الدولار، بينما يتجاوز سعر الصرف حالياً 3 دنانير تونسية للدولار الواحد.
من جانبه، أكد طارق عبيد، ممثل إحدى المصحات التونسية، أن الديون العالقة أثرت سلباً على أداء المصحات، خاصة الصغيرة منها، حيث انعكست على مداخيلها واستثماراتها.
وأضاف أن بعض المصحات قد تلجأ إلى القضاء التونسي لاستخلاص مستحقاتها، خاصة بعد أن فشلت الجهود السابقة في تسوية الملف.
يذكر أن عدد المصحات الخاصة في تونس يتجاوز 120 مصحة، ويشكل المرضى الليبيون النسبة الأكبر من المرضى الأجانب الذين يتلقون العلاج في تونس، إلى جانب المرضى القادمين من الجزائر وموريتانيا.
ونفت غرفة المصحات الخاصة التونسية في فترات سابقة ما تم تداوله حول رفض استقبال المرضى الليبيين بسبب ملف الديون، مؤكدة حرصها على تقديم الخدمات الصحية للوافدين دون تمييز.