بدأت تونس محادثات رسمية مع الصين لبحث سبل إنقاذ المجمع الكيميائي في قابس، الذي يواجه خطر الإغلاق بعد تفاقم التلوث البيئي في المحافظة الواقعة جنوب شرقي البلاد، في خطوة تعكس توجّه الحكومة نحو حلول تقنية واستثمارية خارجية لمعالجة الأزمة.
وقالت وزارة التجهيز والإسكان في بيان نشر عبر صفحتها الرسمية على “فيسبوك”، إن الرئيس قيس سعيّد كلف الوزير صلاح الزواري بعقد اجتماع مع السفير الصيني في تونس وان لي، لمناقشة مشروع تأهيل وحدات الإنتاج ومعالجة الانبعاثات الملوثة الصادرة عن المجمع، بهدف إنهاء الأسباب المباشرة لتدهور الوضع البيئي في المنطقة الساحلية.
ويأتي التحرك الرسمي في ظل احتجاجات متواصلة في قابس منذ أسابيع، يطالب خلالها الأهالي بإيقاف نشاط المجمع الذي يتسبب بحسبهم في حالات اختناق متكررة وتلوث للهواء والمياه، إضافة إلى أضرار جسيمة للحياة البحرية نتيجة تصريف الفوسفوجيبس في البحر.
وفي موازاة ذلك، أعلن الاتحاد الجهوي للشغل تنفيذ إضراب عام شامل في المحافظة، احتجاجًا على استمرار التدهور البيئي والصحي، وسط تصاعد الغضب الشعبي من غياب حلول ملموسة رغم التحذيرات المستمرة منذ سنوات.
ويُعدّ المجمع الكيميائي، الذي تأسس عام 1972، أحد أعمدة القطاع الصناعي التونسي، إذ ينتج حمض الفوسفوريك وفوسفات ثنائي الأمونيوم ونترات الأمونيوم، ويوفّر نحو 4 آلاف فرصة عمل مباشرة، إلى جانب مساهمته في تأمين الأسمدة الزراعية والتصدير عبر الميناء التجاري في قابس.
ورغم دوره الاقتصادي الحيوي، يعاني المجمع من أزمات مالية وهيكلية، إذ كشفت البيانات الرسمية لعام 2022 عن تحقيقه أرباحا صافية بلغت 296 مليون دينار (102 مليون دولار) من إجمالي مداخيل قيمتها 3.4 مليارات دينار (1.1 مليار دولار)، مقابل ديون ضخمة بلغت 778 مليون دينار، وأموال ذاتية سالبة تقدر بـ 1.2 مليار دينار.
وتشير وثيقة صادرة عن بنك التنمية الأفريقي في إطار مهمة تدقيق بيئي واجتماعي نُشرت في يونيو/حزيران 2023، إلى أن المجمع سجل خروقات بيئية جسيمة، أبرزها انبعاث غازات ملوثة كالأمونياك وأكاسيد النيتروجين وثاني أكسيد الكبريت، إلى جانب غياب نظام دائم لرصد جودة الهواء والمياه وضعف إدارة النفايات. كما لفت التقرير إلى تجاوز مستويات الضجيج الحدود القانونية وتقصير في تطبيق معايير السلامة داخل المنشآت.
وبحسب التقرير ذاته، أطلق المجمع خطة لتصحيح أوضاعه والالتزام بالمعايير البيئية والاجتماعية، بكلفة تقدر بـ 306 ملايين دينار (105 ملايين دولار)، بهدف حماية العمال والسكان وضمان استمرارية النشاط الصناعي في إطار من المسؤولية والاستدامة.
ويتوقع أن تمهّد المباحثات التونسية – الصينية الطريق لشراكة جديدة تدمج بين الخبرة التقنية الصينية والجهود الوطنية لإعادة تأهيل القطاع الكيميائي، في محاولة لوقف التدهور البيئي والحفاظ على أحد أهم مصادر الدخل والصادرات في الجنوب التونسي.
تسميم قطط في مطعم جامعي يثير غضباً واسعاً في تونس
