10 ديسمبر 2025

العلاقات بين الجزائر وفرنسا تشهد انتكاسة جديدة بعد أسابيع فقط من بوادر الانفراج، وذلك عقب اعتقال ناشط ورجل أعمال جزائري في باريس ليلة الثلاثاء.

وبالإضافة إلى ذلك تم تثبيت حكم بالسجن على صحافي رياضي فرنسي في الجزائر بتهمة “الإشادة بالإرهاب”، ثم تلت ذلك حملة إعلامية جزائرية شديدة اللهجة ضد ما وصفته بـ”فرنسا الكولونيالية”، ما يعكس عودة التوتر بين البلدين إلى الواجهة من جديد.

وكان الطرفان يستعدان لترتيب زيارة لوزير الداخلية الفرنسي لوران نونييز إلى الجزائر قبل نهاية الشهر الحالي في خطوة لاستعادة مسار التهدئة، غير أن التطورات المتلاحقة خلال أسبوع واحد أظهرت تراجعاً واضحاً في مسار المصالحة.

وأعلنت “قناة الجزائر الدولية” صباح الأربعاء أن محللها مهدي غزار، الناشط ورجل الأعمال المقيم في فرنسا، أبلغها بأن الشرطة الفرنسية أوقفته في باريس مساء الثلاثاء واحتجزته لساعات قبل إطلاق سراحه صباح اليوم التالي، دون توضيح أسباب التوقيف، وغزار معروف بمواقفه الحادة تجاه الحكومة الفرنسية على خلفية الأزمة بين البلدين منذ صيف 2024.

وذكرت وكالة الأنباء الجزائرية أن الشرطة الفرنسية أبلغت غزار بأنه مدرج ضمن الملف “س” وضمن لائحة الأشخاص المبحوث عنهم، وهما آليتان استثنائيتان مخصصتان لمن تعتبرهم السلطات “تهديداً خطيراً للأمن العام”.

وأشارت الوكالة إلى أن إذاعة “مونت كارلو” كانت قد أبعدته سابقاً من أحد برامجها بسبب مواقفه “حول الإبادة في غزة”، كما نقلت شكواه من توقيفات متكررة في مطارات باريس “دون سبب واضح”، وفق تعبيرها.

وبحسب الوكالة الرسمية، فإن “أساليب” وزير الداخلية الفرنسي السابق برونو ريتايو “لا تزال راسخة داخل المؤسسات”، رغم مغادرته منصبه، في إشارة إلى السياسة المتشددة تجاه الجزائر في ذروة الأزمة الدبلوماسية حول ملف الجزائريين المرحلين من فرنسا.

وتداول ناشطون جزائريون أن غزار كان في زيارة خاصة لفرنسا، وربط بعضهم توقيفه العام الماضي عن المشاركة في برنامج تلفزيوني فرنسي بتصريحاته “المثيرة للجدل حول المغرب”.

كما يُعد غزار من الوجوه التي شاركت في إدارة حملة الرئيس عبد المجيد تبون في فرنسا خلال رئاسيات 2024، وتتهمه أطراف معارضة بأنه أحد منظمي مجموعة “المجاهدون 2.0” التي هاجمت معارضين جزائريين مقيمين في فرنسا، ورجّح هؤلاء أن تؤثر الحادثة الجديدة على مسار التطبيع بين البلدين.

وبموازاة ذلك، تسببت قضية أخرى في توتير الأجواء بين باريس والجزائر، إذ ثبتت محكمة تيزي وزو حكماً ابتدائياً بالسجن سبع سنوات على الصحافي الرياضي الفرنسي كريستوف غليز بتهمة “الإشادة بالإرهاب”، بعد محاكمته في الاستئناف الأسبوع الماضي.

وكانت باريس تتوقع تبرئته أو تخفيف الحكم، قبل أن تعلن الرئاسة الفرنسية أن الرئيس إيمانويل ماكرون تلقى الحكم “بقلق بالغ”، متعهداً بالعمل لاستعادة غليز وإعادته إلى بلاده “في أقرب وقت”.

وتفاعل الإعلام الجزائري الرسمي والخاص مع الموقف الفرنسي بحدة، إذ نشرت صحيفة “لو سوار دالجيري” مقالاً بعنوان “عندما تغرق باريس في نفاقها”، انتقدت فيه باريس “التي ترتدي لباس المعلّم” وتتدخل في أحكام القضاء الجزائري، مستحضرة حادثة اعتقال موظف بالقنصلية الجزائرية في باريس في أبريل الماضي، وما وصفته بـ”تجاهل فرنسا لمذكرات توقيف دولية” بحق مسؤولين جزائريين سابقين.

ومن جانبها، اعتبرت صحيفة “الخبر” أن بيان الإليزيه بشأن الحكم على غليز فجّر “آلة تشويه” في الإعلام الفرنسي “المتحالف مع اليمين المتطرف”، الذي سعى —بحسب تعبيرها— إلى تقديم الجزائر على أنها “دولة تقمع الصحافة”.

وفي سياق قراءة أوسع للتوتر، رأت مجلة “جون أفريك” الفرنسية أن الحملة الإعلامية في فرنسا “تهدف لإيصال رسالة مفادها أنه لن يكون هناك إفراج عن الصحافي من دون خطوة مقابلة من الجزائر”، في إشارة ضمنية إلى قضية الدبلوماسي الجزائري الموقوف في باريس.

الجزائر تستعد لاحتضان بطولة إفريقية كروية

اقرأ المزيد