27 مارس 2025

تواجه جنوب السودان خطر عودة الحرب الأهلية بعد تصاعد التوترات بين الرئيس سلفا كير ونائبه رياك مشار، حيث يزيد مقتل اللواء ديفيد مجر وإغلاق ألمانيا سفارتها في جوبا من حدة الأزمة، بينما تحذر الأمم المتحدة من تحول الصراع إلى حرب عرقية.

أعلن وزير الدفاع في حكومة جنوب السودان أن مسلحي “الجيش الأبيض”، الموالين لنائب الرئيس رياك مشار، سيُجبرون على تسليم أسلحتهم والعودة إلى قراهم، وذلك في أعقاب المواجهات العسكرية الأخيرة في بلدة الناصر بالقرب من الحدود الإثيوبية.

وجاء هذا الإعلان بعد مقتل اللواء ديفيد مجر، قائد مقاطعة الناصر، على يد مسلحي الجيش الأبيض المنتمين إلى قبيلة النوير.

واتهم وزير الدفاع نائب الرئيس رياك مشار بقيادة مليشيا “الجيش الأبيض”، واصفاً إياها بالإرهابية. كما ناشد المجتمع الدولي دعم بلاده في مواجهة ما وصفه بـ”إرهاب الجيش الأبيض”.

وشيعت حكومة جنوب السودان جثمان اللواء ديفيد مجر، الذي انضم إلى الحركة الشعبية لتحرير السودان في تسعينيات القرن الماضي.

وأعرب رياك قاي كوك، حاكم ولاية جونقلي، عن قلقه من أن حادثة الناصر كشفت عن وجود “سيادتين وقيادتين” في البلاد، مما يهدد استقرار اتفاقية السلام الموقعة عام 2018.

يعيد مقتل اللواء مجر وتقييد حركة نائب الرئيس رياك مشار إلى الأذهان ذكريات الحرب الأهلية السابقة بين الرئيس سلفا كير ميارديت ونائبه رياك مشار، والتي أسفرت عن مقتل نحو 600 ألف شخص.

وتفاقمت التوترات بعد إقالة الرئيس ميارديت لنائب قائد أركان الجيش الوطني وعدد من المسؤولين الموالين لمشار، بما في ذلك وزير النفط.

وأثرت الحرب الأهلية في السودان سلباً على تنفيذ اتفاقية السلام في جنوب السودان، حيث تعتمد البلاد بشكل كبير على عائدات النفط التي تأثرت بسبب الصراع، كما أدى النقص في التمويل إلى تأجيل الانتخابات وتعطيل الترتيبات الأمنية، بما في ذلك دمج المقاتلين في الجيش الحكومي.

وفي غضون ذلك، أعلنت ألمانيا إغلاق سفارتها في جوبا بسبب التصاعد الأخير في التوترات الأمنية.

وقالت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك إن جنوب السودان على شفا حرب أهلية جديدة، محذرة من أن العنف العبثي يقوض عملية السلام.

كما أعرب نيكولاس هايسوم، رئيس عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في جنوب السودان، عن قلقه من احتمال عودة البلاد إلى الحرب الأهلية.

أدت المواجهات الأخيرة في بلدة الناصر بولاية أعالي النيل إلى نزوح أكثر من 50 ألف شخص، بينهم 10 آلاف فروا إلى إثيوبيا المجاورة.

وحذرت الأمم المتحدة من أن الصراع قد يتحول إلى حرب ذات بعد عرقي بسبب تفشي خطاب الكراهية بين الأطراف المتناحرة.

تأثرت جنوب السودان بشكل كبير بالحرب في السودان، حيث توقف إنتاج النفط الذي يتم تصديره عبر الشمال، مما أدى إلى انهيار قيمة العملة المحلية ونضوب الاحتياطيات من الدولار.

ولا يزال نحو 100 ألف موظف حكومي ينتظرون دفع رواتب متأخرة لمدة 11 شهراً، مما يزيد من معاناة السكان.

رغم التحديات الكبيرة، لا يزال هناك أمل في أن تعود جنوب السودان إلى مسار السلام، خاصة مع الجهود الدولية المستمرة لاحتواء الأزمة.

ومع ذلك، فإن استمرار التوترات بين الرئيس ميارديت ونائبه رياك مشار يهدد باندلاع حرب أهلية جديدة قد تكون أكثر تدميراً من سابقتها.

اقرأ المزيد