05 أبريل 2025

تجددت الاحتجاجات في مدينة زاكورة ضد ما وصفته الفعاليات الجمعوية بـ”جريمة إيكولوجية” تهدد واحات الجنوب الشرقي المغربي، بسبب اقتلاع أشجار النخيل ونقلها إلى المدن الكبرى.

ورغم أن هذه الظاهرة التي أطلق عليها الناشطون اسم “تهجير النخيل” ليست جديدة، إذ تعود جذورها إلى الفترة بين 2000 و2006، فإنها شهدت انتعاشاً بسبب توالي سنوات الجفاف، واستنزاف الفرشة المائية، والفقر الذي يعاني منه الفلاحون في المنطقة.

واستغلت بعض اللوبيات الجشعة هذا الوضع، لتشتري أشجار النخيل من المزارعين بأسعار زهيدة، لم تتجاوز 10 دولارات للنخلة الواحدة، بحسب مصادر إعلام محلية.

ووفق الخبير الفلاحي رياض أوحتيتة، فإن هذه الظاهرة تخلّ بالتوازن البيئي، لأن النخيل يلعب دوراً محورياً في حماية التربة من الانجراف، مكافحة التصحر، والحفاظ على جودة الهواء، كما يؤثر تهجير النخيل على التنوع البيولوجي في المنطقة.

ومن الناحية الاقتصادية، تعتمد الساكنة المحلية على زراعة النخيل كمصدر رئيسي للدخل عبر إنتاج التمور ومشتقاتها، ويؤدي اقتلاع الأشجار إلى انخفاض الإنتاجية الزراعية، وإضعاف التراث الثقافي المرتبط بزراعة النخيل، الذي يمثل عنصراً أساسياً في هوية الواحات المغربية.

وبحسب الخبراء، فإن هذه الظاهرة مرتبطة بصفقات مشبوهة يحصل عليها بعض المقاولين الذين يشترون النخيل بأسعار بخسة لا تتجاوز 20 دولاراً للنخلة، ثم يقومون ببيعه وفقاً لطوله، وليس كوحدة واحدة، ما يتيح لهم تحقيق أرباح خيالية تصل إلى 500 دولار للنخلة الواحدة، خصوصاً عند استخدامها في تزيين الشوارع، والفيلات، والمنتجعات السياحية.

ونددت جمعيات حماية البيئة بهذه الظاهرة، حيث أكد جمال أقشباب، رئيس جمعية أصدقاء البيئة بزاكورة، أن شاحنات محمّلة بالنخيل تغادر المنطقة يومياً، متجهة إلى المدن الكبرى، حيث تستخدم هذه الأشجار لتجميل الحدائق العامة والفنادق الفاخرة.

وأشار أقشباب إلى أن بعض السماسرة استغلوا حاجة الفلاحين الفقراء واشتروا منهم أشجار نخيل معمّرة يتجاوز عمرها 100 عام وطولها أكثر من 6 أمتار، مقابل 10 دولارات فقط، ثم باعوها بأضعاف الثمن، محققين أرباحاً طائلة على حساب البيئة والتراث المحلي.

وفي ظل تصاعد المخاوف من اندثار الواحات، دقت الجمعيات البيئية ناقوس الخطر، مطالبة السلطات بالتدخل العاجل لوقف هذه الظاهرة التي يعاقب عليها القانون المغربي.

يذكر أن هناك قراراً عاماً صادراً منذ 2004 يمنع هذه الممارسات، كما يجرمها القانون الوطني 01/06 الصادر سنة 2007، والذي يحظر اقتلاع وتهجير النخيل من موطنه، كما ينص على عقوبات تصل إلى 5000 درهم للمخالفين، مع إمكانية تشديد العقوبة في حالة تكرار الفعل.

وتعد ظاهرة تهجير النخيل من أخطر التهديدات التي تواجه واحات المغرب، حيث تؤدي إلى تدهور بيئي خطير وانهيار اقتصادي للفلاحين الذين يعتمدون على زراعته.

اقرأ المزيد