انتقد معهد الشرق الأوسط الأميركي، في تقرير صدر أخيراً، السياسات الأوروبية المناهضة للهجرة بالاستعانة بثلاث دول منها ليبيا لمراقبة الحدود، معتبرا أنها “تعزز نشاط الجريمة والانتهاكات التي يرتكبها المهاجرون”، ما يعكس فشل شركاء أوروبا المحليين في تحقيق هدفهم الأصلي في وقف تدفقات اللاجئين.
وأوضح الباحث المتخصص في الجريمة المنظمة غيوم سوتو مايور في التقرير أن التمويل المقدم من بروكسل منذ العام 2016 للحكومات الليبية والنيجرية والتونسية من خلال الصندوق الائتماني للطوارئ التابع للاتحاد الأوروبي يسبب آثاراً ضارة فيما يتعلق بسياسة الهجرة.
وأكد تمويل بروكسل قوات الأمن في هذه البلدان الثلاثة، ولا سيما خفر السواحل الليبي والتونسي، لمنع المهاجرين من الوصول إلى السواحل الأوروبية.
وكشف المعهد الأميركي عن تخصيص ظرف بقيمة 800 مليون يورو لوزارة الداخلية الليبية وذراعها التشغيلية، مديرية مكافحة الهجرة غير الشرعية، التي تدير 10 مراكز احتجاز رسمية.
ويبين التقرير أن مراكز الاحتجاز غير الرسمية التي تديرها الميليشيات الليبية يجري تمويلها في كثير من الأحيان من قبل الحكومات الأوروبية.
ولمدة عشر سنوات، كان السجن والعمل القسري والتعذيب والابتزاز هو السمة المميزة لهذه الصناعة الإجرامية، وبعض الجهات الفاعلة فيها هم المحاورون من الاتحاد الأوروبي والمنظمات الدولية.
بالنسبة لغيوم سوتو مايور، فإن الاستعانة بمصادر خارجية لمراقبة الحدود، من خلال الانتهاكات التي يرتكبها شركاء أوروبا المحليون، بمن في ذلك المجرمون، لم ينتهك القيم التي يدافع عنها الاتحاد الأوروبي فحسب، بل انتهك أيضاً القواعد والمعاهدات الدولية التي وقعت عليها الدول الأعضاء.
وينفق المجتمع الدولي لصالح دول شمال أفريقيا والساحل مليارات اليورو من المساعدات التنموية والمساعدات العسكرية لمساعدتها على احتواء تدفقات الهجرة ومكافحة الإرهاب لكن “الانقلابات الأخيرة في مالي والنيجر وبوركينا فاسو”، واستمرار العنف في ليبيا، سلط الضوء على فشل هذه الجهود في تحقيق الاستقرار.
وجرى الحكم على أي بلد بأنه يستقر عندما يقتصر العنف على مستوى مقبول للمجتمع الدولي والنخب المحلية، مما يسمح بإعادة إطلاق النشاط الاقتصادي، وهو الضمان الأخير للاستقرار الوطني. وترتكز هذه الفكرة على الافتراض بأنه “إذا كان مروجو الصراع منخرطين في أعمال تجارية (سواء كانت قانونية أو غير قانونية) ولديهم مصلحة في مواصلة أنشطتهم الاقتصادية، فسوف يتجنبون الحرب”.
وتساءل الباحث عن طريقة عمل الانتخابات في إفريقيا والتي غالبا ما يجري إجراؤها في باريس أو بروكسل. وبفضل الدعم العلني والمباشر إلى حد ما من المجتمع الدولي، تمكن رجال أقوياء، غالباً من أمراء الحرب والمجرمين السابقين، من الوصول إلى مناصب السلطة على المستوى المحلي والوطني، مقابل التزامهم بـ”استقرار” المناطق الرئيسية.
وتوصل المعهد إلى تسبب هذه الديناميكية في مأسسة اقتصاد العنف، لأن السلوك الإجرامي في مسائل الإدارة العامة، واختلاس الموارد يجري التسامح معه وإدامته، خاصة عندما يكون ذلك نتيجة لسياسات مناهضة للهجرة.
ووصل 266 ألفًا و940 مهاجرًا ولاجئاً العام 2023، إلى دول جنوب أوروبا (إسبانيا وإيطاليا واليونان ومالطا وقبرص)، 97% منهم عن طريق البحر. ويمثل هذا الرقم زيادة بنسبة 67% مقارنة بالوافدين المسجلين في العام 2022، وجزء كبير منهم من تونس. وبحسب مركز الهجرة المختلطة نقلاً عن المنظمة الدولية للهجرة، فإن “1417 حالة وفاة أو اختفاء وقعت في وسط البحر الأبيض المتوسط في العام 2022، غالبيتها قبالة السواحل الليبية والتونسية”.
ارتفاع كبير في الهجرة غير الشرعية بين ليبيا وإيطاليا