15 ديسمبر 2025

صنف تقرير دولي حديث نيجيريا خامس أكثر دول العالم عنفا، في مؤشر يعكس تصاعدا حادا في مستويات عدم الاستقرار واتساع رقعة النزاعات داخل أكبر اقتصاد في إفريقيا، بحسب ما أوردته مجلة أفريكا ريبورت استنادا إلى بيانات مشروع رصد مواقع وأحداث النزاعات المسلحة عالميا.

ووضع المؤشر نيجيريا ضمن فئة العنف الشديد، إلى جانب مناطق نزاع مزمنة مثل فلسطين وسوريا وميانمار والمكسيك، في تقييم يغطي الفترة الممتدة من ديسمبر 2024 حتى نوفمبر 2025.

ورغم تأكيد السلطات النيجيرية أن الأوضاع الأمنية تشهد تحسنا تدريجيا، فإن التقرير استند إلى معايير متعددة، شملت عدد الضحايا المدنيين، وتكرار الهجمات المسلحة، وانتشار العنف جغرافيا، ونشاط الجماعات المسلحة، ليخلص إلى أن الأزمات الأمنية باتت تمس معظم أقاليم البلاد بوتيرة غير مسبوقة.

وأشار التقرير إلى تداخل أنماط مختلفة من التهديدات، من بينها الخطف الجماعي، وانتشار عصابات مسلحة في الأرياف، وتصاعد نشاط الجماعات الجهادية، إلى جانب أعمال عنف ذات طابع انفصالي واشتباكات مجتمعية، محذرا من أن هذا التداخل يفاقم هشاشة الاستقرار على المستوى الوطني.

وفي شمال شرق البلاد ومنطقة حوض بحيرة تشاد، كثفت جماعة بوكو حرام وتنظيم داعش في غرب إفريقيا هجماتهما ضد مواقع عسكرية ومجتمعات محلية، بما في ذلك عمليات خطف وقتل بارزة، رغم خسارة هذه الجماعات مساحات من نفوذها خلال السنوات الماضية.

أما في الحزام الأوسط، استمرت المواجهات بين المزارعين والرعاة، ما جذب اهتماما دوليا، لا سيما في الولايات المتحدة، حيث وصف بعض المشرعين هذه الأحداث بأنها تستهدف مجتمعات بعينها، ودعوا إلى تحرك دولي لمعالجة الأزمة.

وفي الشمال الغربي والشمال الأوسط، تواصل العصابات الإجرامية المعروفة محليا بـقطاع الطرق تنفيذ هجمات وكمائن وعمليات خطف في ولايات مثل زامفارا وكادونا وكاتسينا، ما أدى إلى نزوح متكرر للسكان المحليين وألقى أعباء إضافية على القوات الأمنية.

كما برز الجنوب الشرقي خلال الفترة الأخيرة كبؤرة توتر جديدة، مع تصاعد هجمات مرتبطة بحركات انفصالية استهدفت قوات الأمن ومنشآت عامة، في مناطق كانت تُعد حتى وقت قريب أكثر استقرارا.

ووفق التقرير، سجل أكثر من 1900 هجوم استهدف المدنيين في نيجيريا خلال عام واحد، أسفر عن مقتل أكثر من 3000 شخص.

وفي مايو الماضي، شهدت البلاد 365 حادثة عنف، وهو أعلى رقم في القارة الأفريقية خلال ذلك الشهر، وأدى إلى سقوط 635 قتيلا ووقوع 182 عملية خطف.

في مواجهة هذا الواقع، يواصل الجيش النيجيري عملياته ضد الجماعات المسلحة، وأعلن سلاح الجو تنفيذ ضربات أدت إلى مقتل عشرات المسلحين، بالتوازي مع عمليات برية في ولايات عدة، أبرزها بورنو وزامفارا وكادونا.

كما عين الرئيس بولا أحمد تينوبو مؤخرا الجنرال كريستوفر موسى وزيرا للدفاع، مؤكدا الاعتماد على خبرته العسكرية لوضع استراتيجيات أكثر تشددا لمكافحة الخطف والعنف المسلح، إلى جانب تعزيز التعاون الأمني مع شركاء دوليين.

ورغم ذلك، لا تزال الهجمات مستمرة، ما دفع بعض الزعماء التقليديين في الشمال الغربي إلى محاولة التوصل لتسويات عبر التفاوض مع العصابات المسلحة، في مؤشر على محدودية الحلول العسكرية وحدها في مواجهة التحديات الأمنية المعقدة.

ومع اقتراب الانتخابات المقررة في عام 2027، يشكل تصنيف نيجيريا بين أكثر دول العالم عنفا اختبارا صعبا للرئيس تينوبو، ويعكس، وفق التقرير، كلفة أمنية واقتصادية واجتماعية متزايدة تؤثر في حركة التجارة والتنقل والحياة اليومية للمواطنين.

تزايد النزوح من الفاشر للسودان.. آلاف المدنيين يواجهون أزمة إنسانية

اقرأ المزيد