تقرير مركز الاستشراف الاقتصادي والاجتماعي أفاد بأن العجز التجاري بالمغرب ارتفع 7.3% في 2024 إلى 306.47 مليار درهم مقابل 285.54 مليار في 2023، ما يعادل 23– 24% من الناتج المحلي الإجمالي.
وأشار التقرير إلى أن العجز استمر في الارتفاع خلال الأشهر الأولى من 2025، ليبلغ 108.94 مليار درهم في أقل من أربعة أشهر، مما سبب ضغوطاً كبيرة على احتياطات العملة الصعبة وهدد استقرار الدرهم في ظل التقلبات العالمية.
وأوضح التقرير أن ارتفاع العجز جاء نتيجة زيادة واردات السلع الاستهلاكية والطاقة والمعدات، إذ بلغت قيمة الواردات نحو 761.45 مليار درهم في 2024، بينما لم تتجاوز قيمة الصادرات 454.97 مليار درهم.
كما سجل العجز في النصف الأول من 2025 نحو 162 مليار درهم، بزيادة نسبتها 18.4% مقارنة بالعام السابق، ما يعكس أزمة هيكلية في الإنتاج الوطني ويؤكد عدم قدرة الاقتصاد المحلي على تغطية الطلب الداخلي.
وأكد التقرير أن العجز التجاري يعكس خللاً بنيوياً عميقاً، إذ لا يزال المغرب يعتمد بشكل كبير على واردات الطاقة والغذاء، حيث يستورد أكثر من 90% من حاجياته الطاقية، فيما بلغت فاتورة المواد الغذائية المستوردة نحو 115 مليار درهم سنة 2024.
وأضاف التقرير أن الصادرات المغربية تعاني من ضعف القيمة المضافة، إذ تظل منتجات مثل الفوسفاط والسيارات والنسيج محدودة المحتوى التكنولوجي، ما يجعلها عرضة لتقلبات الأسعار العالمية دون أن تعكس دينامية صناعية قوية أو تولد أثراً واسعاً على الاقتصاد الوطني.
وشدد التقرير على وجود فجوة بين الإنتاج الوطني والحاجيات الداخلية، إذ يعتمد جزء كبير من الاستهلاك على المنتجات المستوردة، بما فيها الصناعات الإلكترونية والصيدلانية، ما يعكس هشاشة القاعدة الصناعية وضعف سياسات إحلال الواردات.
كما أشار التقرير إلى ضعف تنافسية المغرب في الأسواق الخارجية نتيجة ارتفاع كلفة الإنتاج والنقل، وضعف البنية اللوجستية في بعض المناطق، ومحدودية التسويق الخارجي، إلى جانب غياب استراتيجية تصدير فعالة تسمح باختراق الأسواق الصاعدة وتعزيز الحضور في الأسواق التقليدية.
ولفت التقرير إلى أن الحكومة المغربية تعاملت مع هذه التحديات من خلال دعم الإنتاج الوطني الموجه للتصدير، وتشجيع تعويض الواردات، وتطوير البنية التحتية للتجارة الدولية بما في ذلك ميناء طنجة المتوسط.
كما ركزت على تحفيز الاستثمار في القطاعات ذات القيمة المضافة العالية مثل صناعة السيارات والطيران والصناعات الغذائية والطاقة المتجددة، وإطلاق برامج “صنع في المغرب” لدعم الصناعات المحلية وتقليل الاعتماد على الواردات.
وأبرز التقرير جهود المغرب لتوسيع الشراكات التجارية مع الأسواق الإفريقية الصاعدة بهدف زيادة الصادرات وتنويع الوجهات بعيداً عن التركيز التقليدي على أوروبا، إضافة إلى التوجه نحو مشاريع الانتقال الطاقي التي تهدف إلى تحقيق 52% من الطاقات المتجددة في مزيج الطاقة بحلول عام 2030، لتقليص الفاتورة الطاقية التي تشكل الجزء الأكبر من العجز التجاري.
واختتم التقرير بالتأكيد على أن هذه التدابير تعكس إرادة سياسية واضحة لمعالجة العجز التجاري، لكنها تتطلب مزيداً من التنسيق والفعالية، فضلاً عن متابعة دقيقة للأثر الاقتصادي والاجتماعي لكل برنامج لضمان تحويل المبادرات إلى نتائج ملموسة ومستدامة.
السلطات الفرنسية تعتقل المشتبه الرئيسي في جريمة قتل فنانة مغربية
