05 ديسمبر 2025

تشهد الأسواق الليبية موجة غير مسبوقة من الغلاء، إذ ارتفعت أسعار معظم السلع الأساسية بشكل لافت خلال الأسابيع الأخيرة، ما ضاعف معاناة المواطنين الذين يواجهون تآكلا متسارعا في قدرتهم الشرائية نتيجة استمرار تراجع قيمة الدينار أمام العملات الأجنبية.

وبعد فترة وجيزة من الاستقرار النسبي، عادت الأسعار إلى الارتفاع مجددا، مدفوعة بتقلبات سعر الصرف في السوق الموازية، التي تأثرت بتراجع الدولار مؤقتا ثم صعوده مجددا، إثر تسريبات تتعلق بنية السلطات خفض الضريبة المفروضة على النقد الأجنبي.

ويقول أحد تجار الجملة في طرابلس، عبد الباسط القمودي، إن أي تغير ولو بسيط في سعر الصرف “ينعكس فورا على الأسعار”، نظرا لاعتماد السوق الليبية على الواردات بشكل شبه كامل، ويضيف أن صعوبة التحويلات الخارجية تزيد من اضطراب السوق وتحدّ من قدرة التجار على تثبيت الأسعار.

وفي المقابل، يعبر المواطن محمود العامري عن قلقه من الارتفاع المستمر في الأسعار، قائلًا إن الراتب الشهري “لم يعد يغطي سوى الأساسيات”، فيما ترى الأرملة زينب الزنتاني أن الغلاء بات “يخنق العائلات محدودة الدخل”، مشيرة إلى أن لتر الحليب المستورد ارتفع من 5.5 إلى 7 دنانير، في حين قفز سعر الشاي من 25 إلى 30 دينارا في أيام قليلة، وسط غياب واضح للرقابة وضعف في السياسات النقدية.

ويرى الخبير الاقتصادي بشير مصلح أن جذور الأزمة لا تتعلق بندرة العملة الأجنبية بقدر ما ترتبط بـ“هيمنة عدد محدود من كبار التجار على عمليات الاستيراد والتوزيع”، ما يمنحهم قدرة شبه مطلقة على التحكم في الأسعار.

ويشير إلى أن “الاعتمادات المستندية البالغة 11.2 مليار دولار تكفي لتغطية احتياجات البلاد من السلع الأساسية لفترة طويلة، إذا جرى توزيعها بشفافية وعدالة”.

وفي المقابل، أظهرت بيانات مصرف ليبيا المركزي أن إجمالي الاعتمادات المستندية بلغ نحو 18.76 مليار دولار حتى نهاية سبتمبر الماضي، في مؤشر على استمرار النشاط التجاري رغم القيود المفروضة على التحويلات الخارجية.

ومع ذلك، فإن ارتفاع الأسعار يشير إلى أن المشكلة تكمن في سوء توزيع الموارد وغياب المنافسة الحقيقية، بحسب محللين اقتصاديين.

ومن جهتها، أوضحت شبكة ليبيا للتجار أن أسعار الخضروات والفواكه تشهد تذبذبا حادا بسبب ضعف الإنتاج الزراعي المحلي واعتماد الأسواق على الواردات، إلى جانب تقلبات الأسعار العالمية.

وفي سياق متصل، أكد مجلس المنافسة ومنع الاحتكار أنه يتابع السوق عن كثب لمنع أي ممارسات تضر بالمستهلكين، مثل “التسعير المفترس” أو الاتفاقات الخفية بين الشركات الكبرى لتقسيم السوق.

كما أشار إلى أنه يقيّم عمليات الاندماج والاستحواذ التي قد تؤدي إلى تركز اقتصادي مفرط، مؤكدًا أن حماية المستهلك وتعزيز المنافسة العادلة يشكلان محور سياسته الاقتصادية.

مصرع أكثر من 50 مهاجرا وإنقاذ 200 في الصحراء بين النيجر وليبيا

اقرأ المزيد