22 أكتوبر 2024

يشهد الواقع السياسي بين الجزائر وفرنسا توتراً ملحوظاً، إذ تجمدت جهود التعاون بين البلدين في مجال “الذاكرة المشتركة” نتيجة للخلافات المتفاقمة.

وانفجر نزاع محلي في مدينة ليون شرق فرنسا بين “الاتحاد الجزائري” وعمدة المدينة، غريغوري دوسيت، حول تسمية شارع باسم المارشال توماس روبرت بوجو، الذي قاد حملات قمع دامية ضد المقاومات الجزائرية خلال فترة الاستعمار في القرن الـ19.

ويطالب “الاتحاد الجزائري”، وهو جمعية تمثل مصالح المهاجرين الجزائريين في ليون، بإزالة اسم بوجو من الشارع المقابل لقنصلية الجزائر.

وتعتبر الجمعية أن تمجيد شخصية بوجو يتعارض مع القيم الإنسانية، مستشهدة بأعمال قمعه العنيفة ضد قبائل جزائرية في الفترة ما بين 1830 و1840، ما دفعها إلى تقديم دعوى قضائية ضد عمدة ليون، بتهمة “الترويج لجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية”.

ويأتي تحرك الجمعية بعدما قامت البلدية سابقاً بإزالة اسم الأسقف “الأب بيير” من ساحة عمومية بسبب اعتداءات جنسية منسوبة إليه بعد وفاته، وترى الجمعية أن إزالة اسم بوجو من الشارع له أهمية مماثلة، نظراً لأن التاريخ الدموي للمارشال في الجزائر يُعتبر أشد خطورة.

ومن جهتها، رفضت بلدية ليون الاستجابة لمطالب “الاتحاد الجزائري”، مما دفع الجمعية إلى اللجوء للقضاء، مع تأكيدها أن الدعوى ستُسحب في حال تم تغيير اسم الشارع إلى اسم آخر مثل كميل بلان، الذي كان يدافع عن السلام في الجزائر إبان حرب التحرير.

وفي الوقت الذي يستمر فيه هذا الخلاف في ليون، حسمت عمدة باريس، آن هيدالغو، الجدل بطريقة مختلفة، حيث قررت إزالة اسم المارشال بوجو من على طريق رئيسية في باريس بتاريخ 14 أكتوبر 2023، مشيرة إلى “دوره السيئ في الجزائر وارتكابه ما يمكن اعتباره جرائم حرب”، وقد تم استبدال اسم الشارع باسم هوبرت جيرمان، أحد رموز المقاومة الفرنسية ضد النازية.

وجاءت هذه الأحداث في سياق أوسع من التوتر بين الجزائر وفرنسا، حيث توقفت أعمال “لجنة الذاكرة” المشتركة، التي كانت تهدف إلى تجاوز الإرث الاستعماري الثقيل على العلاقات بين البلدين.

ويعود ذلك إلى مساع فرنسية لإلغاء “اتفاق الهجرة 1968″، الذي ينظم إقامة الجزائريين في فرنسا، بالإضافة إلى الاعتراف الفرنسي بخطة الحكم الذاتي للصحراء الغربية، مما أثار استياء الجزائر.

وبينما تظل الذاكرة الاستعمارية والتاريخ المشترك موضع خلاف بين الجانبين، يشير هذا النزاع إلى التحديات المستمرة في العلاقات الجزائرية-الفرنسية، والتي تتطلب توازناً بين الاعتراف بالماضي والعمل نحو مستقبل مشترك يتسم بالاحترام المتبادل.

تقرير: 10 آلاف مهاجر يتدفقون إلى ليبيا شهرياً من النيجر

اقرأ المزيد