يشهد الواقع السياسي في ليبيا توتراً متصاعداً بين مجلس النواب وحكومة “الوحدة الوطنية”، المنتهية ولايتها، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، حيث يتهم كل طرف الآخر بعرقلة العملية الانتخابية، في أزمة تهدد بتأجيل الاستحقاقات وتعميق الانقسام السياسي.
شهد المشهد السياسي الليبي تصاعداً جديداً في حدة التوتر بين مجلس النواب الليبي ورئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، في تطور يعكس عمق الأزمة السياسية المستمرة في البلاد.
وجاء ذلك على خلفية اتهامات متبادلة بين الطرفين بشأن تعثر العملية الانتخابية التي تأمل بها الأطراف الدولية لإنهاء الأزمة الليبية.
ويرى الدكتور خالد محمد الحجازي، المحلل السياسي، أن هذه السجالات تكشف عن صراع مستمر على السلطة بين المؤسستين، حيث يسعى كل طرف لتعزيز نفوذه في المشهد السياسي المتأزم.
وأوضح الحجازي أن اتهامات الدبيبة للبرلمان بعرقلة الانتخابات تعكس رغبته في الحفاظ على موقعه، بينما يحاول البرلمان تأكيد دوره الرقابي والتشريعي.
وحذر الحجازي من أن عدم التوافق على القوانين الانتخابية قد يؤدي إلى تأجيل الانتخابات أو إلغائها، مما سيزيد من حالة عدم الاستقرار السياسي.
وأكد أن هذا الانقسام يعكس خلافات جوهرية بين الأطراف السياسية حول إدارة المرحلة الانتقالية وتنظيم الانتخابات.
توقع الحجازي أن يؤدي تصاعد الخلافات إلى قطيعة تامة بين البرلمان والحكومة، مما قد يدفع ليبيا نحو مزيد من الانقسام والفوضى، ويعقد جهود تحقيق الاستقرار والمصالحة الوطنية.
كما أعرب عن اعتقاده بأن هذه التطورات قد تؤدي إلى تأخير العملية الانتخابية، مما يزيد من حالة عدم اليقين السياسي.
ومن جانبه، اعتبر محمد صالح العبيدي، المحلل المتخصص في الشؤون الليبية، أن السجالات الأخيرة تؤكد وجود قطيعة تامة بين الدبيبة وسلطات غرب ليبيا، وخاصة البرلمان.
وحذر العبيدي من أن هذه القطيعة ستزيد من تعقيد الأزمة السياسية، وستعيق التوصل إلى قوانين انتخابية أو تفاهمات أمنية تمهد الطريق لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية.
جاءت هذه التطورات بعد تصريحات رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة الذي حمل مجلس النواب المسؤولية الكاملة عن تعثر الانتخابات. وأكد الدبيبة في كلمته خلال الملتقى الثاني لضباط جهاز دعم مديريات الأمن أن البيئة الأمنية ليست العائق أمام إجراء الانتخابات، مشيراً إلى نجاح أجهزة وزارة الداخلية في تأمين الانتخابات البلدية في 58 بلدية كدليل على استعداد الدولة لأي استحقاق انتخابي.
وأشار الدبيبة إلى أن العائق الرئيسي يتمثل في غياب قوانين انتخابية توافقية وعادلة، وهو ما يضع المسؤولية على عاتق البرلمان.
وتأتي هذه التصريحات في وقت تشهد فيه ليبيا أزمة سياسية مستمرة منذ سنوات، مع وجود حكومتين وبرلمانين وتصاعد في حدة الانقسام بين الشرق والغرب.
في ظل هذه الظروف، يبدو المشهد السياسي الليبي أكثر تعقيداً من أي وقت مضى، مع تزايد المخاوف من فشل الجهود الدولية لإنهاء الأزمة، وعدم وضوح الرؤية حول إمكانية إجراء الانتخابات في المدى المنظور.